فصائل التحالف تشكّل خطراً يهدد النساء والأطفال في مدينة عدن

YNP -  إبراهيم القانص :

ينسف حكام الخليج منظومة القيم الأخلاقية والدينية والإنسانية في مجتمعاتهم، تحت غطاء سياسات الانفتاح والتطور، ويحولونها من مجتمعات محافظة سوية إلى مجتمعات مدجنة مطموسة الهوية، بعيدة كل البعد عن قيمها العربية وانتمائها الديني، ولا يكتفي أولئك الحكام بما يفرضونه على مجتمعاتهم من الثقافات الغربية التي لا تتناسب معهم كعرب ومسلمين، بل يقمعون كل من يعترض على ذلك ويسومونه سوء العذاب في سجونهم، وكان آخر فضائح أولئك الحكام ما أقدم عليه ولي عهد السعودية، محمد بن سلمان، ضمن مساعيه الحثيثة لطمس هوية المجتمع في المملكة، حيث استقبل المصور الدنماركي أندرياس هيفيد، صاحب واحدة من أكبر شركات إنتاج الأفلام الإباحية، والذي جاء إلى السعودية بدعوة وجهها إليه تركي آل الشيخ، مستشار ولي العهد، ورئيس هيئة الترفيه، لزيارة موسم الرياض، وفعاليات الفورمولا التي ستقام في المملكة، الأمر الذي تسبب في موجة سخط كبيرة في أوساط المجتمع السعودي والناشطين المعارضين لسياسات ولي العهد المخلَّة، والذين عبروا عن استيائهم الشديد بممارسات بن سلمان التي تدمر قيمهم وهويتهم، حسب تعبيرهم على مواقع التواصل.

ويرى مراقبون، أن مثل هؤلاء الحكام لن يهمهم أبداً تدمير قيم وأخلاقيات أي مجتمع عربي لهم فيه نفوذ أو أتباع، فالذي يفعلونه في المناطق اليمنية الخاضعة لسيطرتهم منذ بدء الحرب التي تقودها السعودية هناك والتي مضى عليها سبعة أعوام، لا يعدو عن كونه تدميراً للقيم والعادات والأعراف التي اشتُهر بها اليمنيون منذ قديم الزمن، وتُعد أهم ما يميزهم بين المجتمعات العربية، إذ لم يحدث في المجتمع اليمني أن تمت تصفية حسابات شخصية باختطافات على الإطلاق، ومثل هذا الفعل يعتبر أقصى درجات العيب والخطيئة، لكن منذ أن سيطر التحالف على تلك المناطق اصبح أمراً شائعاً وكثير الحدوث، ففي عدن، جنوب اليمن، أصبحت مسألة اختطاف الفتيات رعباً متواصلاً، تبثه الفصائل المسلحة التابعة للتحالف والمسيطرة على تلك المناطق، بضوء أخضر من قيادة التحالف، إذ أن تلك الفصائل لا تُقدم على شيء إلا بتوجيه من التحالف، بل لا تجرؤ أن تتنفس إلا بموافقته.

 

آخر عملية اختطاف في مدينة عدن تمت السبت الماضي، حيث أقدم مسلحون تابعون للمجلس الانتقالي الجنوبي، الوليد غير الشرعي للإمارات، على اختطاف فتاة ظلوا يلاحقونها أياماً عدة، ورغم أن ملاحقتهم كانت ظاهرة إلا أن أحداً لا يجرؤ على اعتراضهم ولا أحد يملك صلاحية ضبطهم أو إيقافهم، كونهم السلطة العليا هناك، بأوامر وتوجيهات التحالف، الذي عطل الأجهزة الأمنية التابعة للشرعية التي جاء التحالف أساساً لدعمها، وربما هذه هي طريقته في الدعم.

 

الفتاة المختطفة على يد فصائل التحالف في عدن، هي ابنة الصحافي نصر صالح، الذي قال في منشور على صفحته في فيسبوك إن مسلحين تابعين لقيادي أمني في المجلس الانتقالي الجنوبي يدعى صلاح الحذبة، اختطفوا ابنته "بسمة" مؤكداً أن المدعو الحذبة هدده مسبقاً باختطاف ابنته، وطاردها مسلحوه في حارات وشوارع مدينة عدن، حتى اختفت مساء السبت الماضي، محملاً المجلس الانتقالي مسئولية سلامتها.

 

الصحافي نصر صالح يعرف مختطفي ابنته، لكنه لا يعرف أين ذهبوا بها، ولا ماذا ينتظرها من مصير على يد مسلحي الفصائل الإماراتية، وربما كان على يقين أن تحميله الانتقالي مسئولية سلامتها ومناشدته إرجاعها، محاولة عبثية، حيث لا أحد هناك يستطيع ضبط أحد أو ردعه، فالوضع العام نهب للفوضى كما أرادته السعودية والإمارات، ولكن قد يكون قال ذلك مواسياً نفسه وآملاً تدخلاً من السماء، فالمئات من الشابات هناك تعرضن للاختطاف، فمنهن من لم تعد، ومنهن من وجدت جثة هامدة في أحد الشوارع، ومنهن من عادت مدمرةً نفسياً بعد ما تعرضت للاغتصاب والتعذيب، وكل تلك الجرائم تحمل بصمة واحدة، هي بصمة الفصائل التابعة للإمارات والسعودية، وذلك النوع من الجرائم ماركة مسجلة باسم الدولتين لا يجرؤ أحد على تقليدها.

 

في سياق الجرائم اليومية التي يشرف عليها التحالف في مناطق سيطرته جنوب وشرق اليمن، تتصاعد معدلات الاعتداءات الجنسية في مدينة عدن، مهددةً الأطفال الفئة الأكثر عرضةً لتلك الجرائم، والتي كان آخرها اغتصاب طفل في منطقة البريقة، على يد مجموعة من المنحرفين يحظون بغطاء وتواطؤ أمني فاضح، حيث أكدت مصادر إعلامية أنه يتم التلاعب بملف الجريمة، التي ارتكبت الأسبوع الماضي، وأصبح مرتكبوها معروفين لدى الجهات الأمنية في عدن، ومع ذلك لم يتم ضبطهم، بل إنهم يهددون أسرة الطفل بنشر مقاطع مرئية مسجلة وثقوا بها جريمتهم، وإلى أبعد من ذلك يصل التحالف بالمجتمع اليمني في مناطق سيطرته، من خلال أدواته المحلية الرخيصة، الموكل إليها تنفيذ مخططاته الهادمة لقيم المجتمع وأخلاقياته القائمة على الفضيلة.