السعودية تبدد ثرواتها وتورث مواطنيها الفقر

 YNP - إبراهيم القانص :

تبالغ السعودية في الترويج لنفسها أمام الرأي العام العربي والعالمي، على أساس أنها تأخذ على عاتقها أو ترعى قيماً ومبادئ إنسانية في شعوب ودول المنطقة، بتقديم مساعدات إنسانية هنا ودعم مشاريع تنموية هناك، وتوظف من أجل تقديمها بهذه الصورة الإنسانية آلة إعلامية ضخمة، تعمل ليل نهار على تجميل صورتها وإخفاء القبح الذي يتوارى خلف تلك الشعارات.

 

ومن خلال ما ترصده شبكات ومراكز تابعة لمنظمات حقوقية، وناشطون ومهتمون على مواقع التواصل الاجتماعي، يتضح أن المساعدات التي تستعرض بها المملكة عضلاتها الإنسانية لا تتعدى كونها واجهات تخفي خلفها أدواراً مشبوهة في تلك الدول، وهي طريقة يتم من خلالها تضليل الشعوب البسيطة، وحرف اهتماماتها عن أي مسار قد يكشف أنها السبب الرئيس فيما تعانيه تلك الشعوب والدول، وأهم نموذج يكشف كل ذلك الزيف هو ما يحدث في اليمن، التي تم تدمير كل مقدراتها وقتل مئات الآلاف من أبنائها منذ التدخل العسكري بقيادة السعودية قبل سبعة أعوام ومازال حتى اللحظة، ولا تزال السعودية إلى الآن تروج لأعمال إنسانية وإغاثية في اليمن.

 

كان الأحرى والأجدر بالسعودية أن تكثف اهتماماتها بأبناء شعبها ومواطنيها، حيث تعاني شرائح واسعة منهم أوضاعاً معيشية صعبة، تصل حد أن بعضهم يعيش في مستوى خط الفقر أو ربما تحته، لكن السياسة القمعية التي تمارسها السلطات السعودية ضدهم تكمم أفواههم بحيث لا يجرؤ أحدهم أن يبدي اعتراضاً أو انتقاداً أو يطالب بإصلاحات حتى وإن كانت مشروعة، ومن حاول ذلك يكون مصيره معروفاً فالسجون السعودية تكتظ بمعتقلي الرأي الذين يواجهون صنوفاً شتى من التعذيب النفسي والجسدي، بل وتتعرض أسرهم أيضاً إلى الملاحقة والاستفزازات والإهانات والتهديدات، حسب منظمات حقوقية.

 

جانب آخر من ممارسات السلطات السعودية بحق مواطنيها، يتجاوز بكثير حالات الفقر التي تعيشها فئات كبيرة هناك، يتمثل في تشريد آلاف المواطنين بطردهم من منازلهم، في حملات إخلاءات وهدم قسرية تحت عناوين مشاريع تنموية عملاقة تابعة لرؤية ولي عهد المملكة التطويرية، والتي يبدو أنها تحولت إلى وبال على المواطنين رغم أنها ترفع شعارات مصلحتهم والارتقاء بوضعهم المعيشي، وحسب استطلاع للرأي نشره موقع "ميدل ايس آي" البريطاني، أمس الأربعاء، وأجرته منظمة القسط السعودية لحقوق الإنسان ومقرها في بريطانيا فإن غالبية من فقدوا منازلهم خلال عمليات الهدم، لم يحصلوا على إشعارٍ قبل الإخلاء بفترةٍ كافية، كما لم تُعرَض عليهم أي تعويضات مقابل خسائرهم، حيث أجْلت السلطات السعودية مئات الآلاف من السكان عن منازلهم بين أواخر 2021 ومطلع 2022، ضمن ما أطلقت عليه السلطات خطة أوسع لتطوير جدة.

 

منظمة القسط الحقوقية دعت السلطات السعودية إلى احترام حقوق المواطنين في مسكنٍ لائق، وفتح تحقيقٍ عاجل وشفاف في عمليات الإخلاء الجماعية التي حدثت، وكان صندوق الاستثمارات العامة السعودي الذي يرأسه ولي العهد محمد بن سلمان، أعلن في نهاية عام 2021م، عن خطط لبناء "وسط جدة"، وهو مشروعٌ يهدف إلى إنشاء "وجهةٍ عالمية مُطلَّة على البحر الأحمر" في شمال المدينة، ورغم عدم معرضة المواطنين لعمليات التطوير إلا أنهم يرفضون تماماً أن تكون في مقابل فقدان منازلهم.

 

وفي إشارة ضمنية إلى الدمار الذي أحدثته السعودية للبنى التحتية اليمنية منذ بدء حربها على اليمن، وادعاءاتها تقديم العون الإنساني لليمنيين، بينما آلاف الأسر السعودية تعاني الفقر والبطالة دعا عضو المجلس السياسي الأعلى التابع لسلطات صنعاء، محمد علي الحوثي، المملكة وولي عهدها إلى الالتفات للأسر السعودية الفقيرة، ورعايتها، وخلال لقاء أجرته معه الفضائية اليمنية في صنعاء قال الحوثي إنه يريد أن يلفت انتباه السعودية إلى الأحياء الفقيرة داخل عاصمتها الرياض، وأن يقدموا لها المواساة، وأن ينزلوا إلى البيوت الفقيرة لينهضوا بها من الفقر، حسب تعبيره، وتعد السعودية أكبر مصدِّر للنفط على مستوى العالم، ولا تتناسب معيشة مواطنيها مع حجم مواردها وثرواتها على الإطلاق.