هل دخل التحالف مرحلة الإحتضار ؟

YNP _ حلمي الكمالي :

في ظل الفشل الذريع والمتواصل للتحالف السعودي الإماراتي، ومجلسه الرئاسي وفصائله المتناحرة، فإن واقع هذا التحالف، المليء بالتناقضات والتوترات والعجز والهزائم المتراكمة يلخص حقيقة قرب فناء التحالف ومن معه من أدوات و"رئاسي" ومعارك وأطماع، خصوصاً مع محاولات القوى الغربية المساندة للتحالف لتصعيد جديد.. ولكن ما الذي يمكن أن تفعله الأوراق المحروقة لحرب كشفت هشاشة السعودي الإماراتي ومن خلفه الأمريكي والبريطاني والصهيوني منذ وهلتها الأولى؟!

بالتأكيد لسنا بصدد الحديث عن العجز الفاضح للمجلس الرئاسي وحكومة معين، عن معالجة أي أزمة من الأزمات المركبة التي خلفها التحالف ووكلائه في المجلس على كاهل اليمنيين طوال الفترة الماضية، فليس لدى المجلس المشكل من قبل السعودية والإمارات ما يقدمه، وهذه وظيفته التي شكل على أساسها، أن يكون مجلساً مفرغاً من كل المهام، وهو كبقية الفصائل لا يدرك لماذا تم تأسيسه وأين وجهته القادمة !

ولكن المشهد العام الواضح أمام الجميع في مناطق سيطرة التحالف وفصائله، يعكس حقيقة إحتضار قوى التحالف العاجزة عن معالجة وإدارة مجمل التناقضات التي خلفتها على ملعبها خلال حربها على البلد، ولعل هذا الإحتضار هو ما دفع التحالف لإعادة تحريك أوراقه المحروقة ومخططاته التي فشل في تحقيقها طوال الثمانية أعوام الماضية، إلى سطح المشهد، عندما دفع فصائله في الهضبة النفطية بإتجاه إعلان حضرموت "دولة مستقلة"، على سبيل المثال، في خطوة يدرك التحالف نفسه أنه غير قادر على تمريرها في ظل وجود قوى وطنية في صنعاء ترفض أي مساعي لتقسيم البلاد ولديها القدرة على فرض مبادئها كما تفعل ذلك عندما عجز التحالف ثنيها عن شروطها للمفاوضات.

ما يدور في فلك التحالف ليس جديداً، وإنما تكرار لمشاريع حاول هذا التحالف تنفيذها منذ الوهلة الأولى لحربه على اليمن، بقدر ماهي دليل على فشله ودخوله مرحلة من الإحتضار والتي يهذي خلالها هذيان المحتضر. فهذه فصائل "طارق صالح" التي كرست السعودية كل ما لديها من قدرات لفرضها كبديلة عن قوات الإنتقالي في المثلث الإستراتيجي المذكور، فشلت في المهمة قبل أن تبدأ، بعد الإصطدام بالواقع الهش والهزيل للتحالف وفصائله والذي يؤكد عدم قدرتها على تحقيق أي متغيرات جديدة.

من الواضح أن قوى التحالف وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وكيان الإحتلال الإسرائيلي تحاول اليوم، طرق كل مشاريعها للحفاظ على بقاء أطماعها في اليمن، إذ تدرك أن نهاية المسرحية الدولية التي تتستر خلفها انتهت، لكنها لا تحصد شيئاً سوى الخيبة، وعاجزة عن توظيف أدوات شائخة لمشاريع فاشلة في الأساس. ناهيك عن سقوط جميع رهانات قوى التحالف على المجلس الرئاسي، الذي قال رئيسه رشاد العليمي إنه لا يمتلك سوى "أربع غرف وحمام" مستأجرة من نادي التلال في إحدى أزقة مدينة عدن !

وعلى سبيل المثال، دفعت الإمارات بفصائل الإنتقالي للسيطرة على أبين، لتأمين تحركاتها في السواحل القريبة من عدن، فضاعت ألوية الإنتقالي واستنزفت مقدراته بلمح البصر تحت طائلة التفجيرات اليومية. ودفعت السعودية بفصائل طارق صالح إلى لحج لتسليم عدن، فتلاشت مجاميعها في الأودية والشعاب، وقبل ذلك دفعت الإمارات والسعودية فصائلهما بضرب بعضها البعض في شبوة وأبين وحضرموت، ولا نتائج حقيقية، في مسلسل مثير للسخرية إذا ما تمعن المشاهد بعقلية التحالف الهزيلة ناهيك عن المضمون والنتائج بصرف النظر عن قذارة النوايا وخبثها بالنسبة لقوى التحالف السعودي الإماراتي.

ومثلها بقية المخططات القذرة للتحالف، التي عجز عن تحقيقها خلال عمر الحرب، ويحاول اليوم التسويق لها علناً على أنها خياراته للمرحلة الجديدة، لكنها في الواقع لا تقود إلا لحقيقة واحدة وهي محاولاته التخلص من أدواته السابقة واللاحقة، أمّا محاولة التحالف استثمار حالة الفشل بالمزيد من إشعال الفوضى والخراب في مناطق سيطرة فصائله، فإن هذا يدفع دون أدنى شك لإنفجار شعبي ضد التحالف السعودي الإماراتي وفصائلهما، والذي بات يتشكل بشكل كبير في ظل تصاعد حالة الرفض الشعبية المناهضة للتحالف، وهو ما شاهدناه من انتفاضة المؤسسات في مدينة عدن ضد المجلس الرئاسي وحكومة معين مع إستمرارها نهب الأموال والثروات اليمنية وتجاهلها معاناة المواطنين.

المشهد والمتغيرات الحقيقية اليوم، هي التي تفرضها صنعاء على مجمل واقع المواجهة المفتوحة، أمّا التحالف ومجلسه الرئاسي وفصائلهما وكل مشاريعهما ومخططاتهما فهي منتهية الصلاحية منذ ولادتها على أرض الواقع، وقد لا تضطر قوات صنعاء لخوض مواجهة مباشرة جديدة مع التحالف وفصائله، فالمعركة محسومة لصالحها مسبقاً كما يؤكد خبراء السياسة والحرب، في ظل إستمرار مسلسل الإقتتال الفتاك بين فصائل التحالف، في ظل مؤشرات على سخط اليمنيين من تصرفات وجرائم التحالف، وميولهم لمناصرة صنعاء وهو ما تعكسه الإنشقاقات العسكرية الواسعة التي تضرب معسكر فصائل التحالف، وإعلان الآلاف من عناصرها الإنضمام لقوات صنعاء.