التحضير للانفصال ينذر بحرب تشعل المنطقة.. وصنعاء تطالب التحالف بالتوضيح

YNP / إبراهيم القانص -
لم تستطع السعودية أن تتحلى بشجاعة كافية تمكنها من اتخاذ قرارها بشأن الخروج من ورطتها في اليمن، وتكمل تنفيذ الشروط التي التزمت بها خلال التفاوض مع صنعاء الشهر الماضي،

وفي مُقَدَّمِها الملف الإنساني والاقتصادي، المتمثل في صرف مرتبات موظفي الدولة ورفع الحظر عن الموانئ والمطارات، حيث تراجعت عن الاندفاع الذي أبدته وما أظهرته من حرص على المضي في طريق إحلال السلام في اليمن والمنطقة، فما حدث في عدن خلال الأيام القليلة الماضية يفسر مماطلة السعودية في إنجاز ما التزمت به، فحليفها الاستراتيجي الأمريكي رفض بشدة تنفيذ الاتفاق وكثف جهوده لعرقلته، وكما يبدو فقد رضخت الرياض لرغبات واشنطن، متجاهلة ما سيترتب على تملصها من عواقب كارثية، وفقاً للخيارات التي قد تضطر صنعاء إلى اتخاذها، حسب التصريحات المتواترة على ألسن قياداتها ومسئوليها.

ويتكشف تباعاً وجلياً عبث خارجي غير مسبوق في المناطق اليمنية الجنوبية والشرقية، عبر وكلائه الخليجيين الذين يقسمون نفوذهم في تلك المناطق وفقاً لمصالح القوى العالمية التي تقف وراءهم، فالسعودية تحشد شرقاً والإمارات جنوباً، تمهيداً وتسهيلاً لوضع القوى العالمية- ممثلةً في الولايات المتحدة وبريطانيا- أياديها على مناطق الثروات السيادية والمواقع الجغرافية الاستراتيجية بحراً وبراً، وليكتمل مشهد العبث والسخرية دفعت الدولتان الخليجيتان بالمجلس الانتقالي، المكون الجنوبي التابع لهما، إلى إعلان الحكم الذاتي، الأمر الذي سيجعل مصادرة السيادة بشكل كامل على تلك المناطق أكثر سهولة، ويجعل مواطنيها على موعد مع المزيد من البؤس والعناء أكثر مما تجرعوه منذ دخول التحالف أواخر عام 2015م.

في المقابل، تؤكد سلطات صنعاء مراراً أن تفاوضها مبني على السيادة اليمنية الكاملة، واستحالة مساومتها على التفريط بشبر واحد من الأرض اليمنية، الأمر الذي دفع بناشطين سياسيين جنوبيين إلى الدعوة للتفاهم مع صنعاء والاصطفاف إلى جانبها، مؤكدين أنها الطريقة الوحيدة لاسترداد اليمنيين أرضهم والحيلولة دون استمرار العبث الخارجي بالبلاد.

القيادي الجنوبي عادل الحسني، أشار إلى أن المسئولية الملقاة على عاتق صنعاء تحتم عليها المزيد من التقارب مع أبناء الجنوب من أجل الحفاظ على وحدة البلاد وسلامة أراضيها، في إشارة إلى أن الثقة في مسئولي الشرعية التابعين للتحالف انتهت تماماً والتعويل يتركز فقط على صنعاء.

من جهته، ذكر القيادي المؤتمري الجنوبي، ياسر اليماني، المقيم في سويسرا، أنه لا خوف على وحدة اليمن في وجود أنصار الله وقائدهم، مقسماً أن الجميع سيشاهدون قوات صنعاء وهي تطرد القوات الأجنبية من عدن وكل المناطق الجنوبية، مشيراً إلى أنه وبعد وصولها إلى عقر دار التحالف لن يعجزها طرده من المحافظات الجنوبية اليمنية.

في السياق، طالبت صنعاء التحالف الذي تقوده السعودية بإعلان موقف واضح من الخطوة التي أقدم عليها الانتقالي الجنوبي، حيث وصف عضو وفد صنعاء المفاوض عبدالملك العجري، ما أقدم عليه الانتقالي بالخطوة التصعيدية، باعتبارها انقلاباً مكتملاً على كيان الجمهورية اليمنية، مؤكداً أنها لا يمكن أن تتم إلا بضوء أخضر من دول التحالف، منوهاً بأن الترتيب لعودة قيادات الانتقالي بهدف التحضير للانفصال في سياق ما وصفها بالأجواء التفاوضية القائمة، ومساعي سلطنة عمان خلال الفترة الماضية، يضع علامات استفهام توحي بنوايا مبيّتة ولا تعكس أي نوايا طيبة إزاء التفاهمات القائمة وتجاه اليمن ووحدته.

على الصعيد نفسه، توقع مراقبون أن ما يمكن حدوثه بين صنعاء والتحالف قد يكون أضعاف ما حدث خلال الأعوام الثمانية التي مضت من عمر الحرب، وأن احتمال استئناف الحرب قد يشعل المنطقة بأكملها، على اعتبار أن صنعاء لن تسمح بتمرير ما يتم التحضير له من تهيئة لانفصال الجنوب، منوهين بأن السعودية ستجد نفسها في ورطة أكبر مما هي عليه الآن إذا لم تراجع حساباتها بشكل دقيق في ما تفعله.

كما توقع محللون أن دفع التحالف بورقة الانفصال قد يؤدي إلى تفكيك أدواته المحلية، جنوباً وشرقاً، وقد ذكر المحلل العسكري، العميد عبدالله بن عامر، نائب مدير دائرة التوجيه المعنوي التابعة لدفاع صنعاء، أن الدفع باتجاه الانفصال لا يخدم السعودية، كون الشمال خارجاً عن سيطرتها، بينما تتقاسم النفوذ في الجنوب مع حليفتها الإقليمية الإمارات، ما يعني أن الأولويات بالنسبة لها محاولة إخضاع الشمال ضمن إطار الوحدة، وبالتالي سيؤدي الدفع بورقة الانفصال إلى تفكك أدواتها، وهنا قد تخسر الشمال والجنوب معاً، حسب تعبيره.