كيف فضحت السودان مشاركة الإمارات في الحرب الأهلية ؟

 YNP /  إبراهيم القانص -

لطالما استخدمت الإمارات أعمال الإغاثة من خلال مؤسساتها الإنسانية- كما تسميها- من أجل الدخول والتوغل في أي بلد لتتدخل عن طريق تلك المؤسسات في شؤون البلد المستهدف، ومن ثم تحقق ما تهدف إليه وما رسمته وحددته من مصالح ولو كان على حساب إحداث حرب أهلية تأتي على الأخضر واليابس في هذا البلد أو ذاك، ففي اليمن تكشف دور الأعمال الإنسانية الإماراتية، التي أنتجت تدخلاً ووجوداً عسكرياً لا يزال حتى اللحظة في مدن وسواحل وجزر المحافظات الجنوبية والشرقية اليمنية، ويحدث هذا في بلدان أخرى غير اليمن، منها السودان التي تكشف تباعاً أن الحرب الأهلية الدائرة هناك صناعة إماراتية.

 

الحكومة السودانية عرضت على مجلس الأمن الدولي، خلال الأيام الماضية، وثائق رسمية كشفت أن الإمارات ومن خلال المساعدات الإنسانية للسودان تمكنت من المساهمة بشكل كبير في الفوضى التي تعصف بالبلاد، بل واستطاعت أن يكون لها نفوذ عسكري وأمني هناك.

 

الوثائق التي أرفقتها الحكومة السودانية بتقرير الذي قدمته لمجلس الأمن، تضمنت صوراً لجوازات مسؤولين إماراتيين يقفون على رأس العمل الإنساني الذي تديره أبوظبي في السودان، وفي الوقت نفسه هم مشاركون في إدارة الأعمال القتالية والإشراف عليها بين المكونات السودانية المتناحرة، ومن بين الأسماء المتورطة- حسب تقرير الحكومة السودانية- خالد عبدالوهاب مصطفى أياز، المعروف باسم خالد عبدالوهاب الخاجة، وهو الذي عيَّنه حاكم عجمان في شهر ديسمبر من عام 2020 أميناً عاماً لهيئة الأعمال الخيرية العالمية، وعويضة حمد سهيل عويضة الخيلي من إمارة العين، ومحمد عبدالرحمن محمد زكريا الجناحي، وعبدالله سالم عبدالله سالم الكلباني من دبي، بالإضافة إلى صور جوازي سفر يمنيين، أحدهما يحمل اسم خالد صالح أحمد، والآخر محمد ناجي محسن، المولود في دبي، وحسب التقرير السوداني فقد وجدت صور تلك الجوازات في مركبة قتالية تعرضت لحادث مروري بين منطقتي الجريف وأم دوم في السودان في شهر يناير 2024.

 

التقرير السوداني اتهم الأسماء التي تحملها صور جوازات السفر المضبوطة في المركبة القتالية باستغلال العمل الخيري الإنساني في أعمال التخريب والتدمير والتجسس والتدخل في شؤون الدولة السودانية، حيث تشارك تلك الشخصيات في الحرب الدائرة هناك كخبراء مع قوات الدعم السريع التي تمولها وتدعمها أبوظبي، وفق التقرير.

 

ويوم الثلاثاء الماضي، حدثت مشادة كلامية بين مندوب الإمارات في مجلس الأمن الدولي، محمد أبو شهاب، ونظيره السوداني الحارث إدريس، خلال اجتماع للمجلس في نيويورك، خصص لبحث الوضع في السودان، حيث جدد المندوب السوداني اتهام بلاده لحكومة أبوظبي بدعم ميلشيات الدعم السريع بالسلاح، مشيراً إلى أن حكومته تملك أدلة على ذلك.

 

مندوب السودان الحارث إدريس، أكد أن الإمارات ترعى ما وصفه بـ"الإرهاب الممنهج والعرقي في السودان وتوفر أسلحة لقوات الدعم السريع عبر تشاد وجنوب ليبيا وأفريقيا الوسطى"، مشيراً إلى أن "على حكومة أبوظبي أن تنأى بنفسها عن السودان كي يعود إليه الاستقرار"، داعياً مجلس الأمن الدولي إلى إدانة التدخل والمشاركة والتمويل الإماراتي للحرب الدائرة في بلاده.

 

وتشير تقارير غربية إلى أن الإمارات تدعم قوات الدعم السريع ضد الجيش السوداني وأن أبوظبي تبقي خطوط الدعم مفتوحة من ليبيا وتشاد وأوغندا، حتى تظل الحرب الداخلية مشتعلة بين الجيش السوداني والقوات الموالية للإمارات.

 

صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، كشفت في تقرير نشرته في شهر أغسطس من عام 2023، أن الإمارات تقدم دعماً عسكرياً لقوات الدعم السريع التي يقودها الجنرال محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، مؤكدةً أن طائرة شحن إماراتية هبطت في مطار أوغندي بداية يونيو، موضحةً ان الطائرة كانت تحمل أسلحة وذخيرة، في وقت كانت وثائق الطائرة تقول إنها تحمل مساعدات إنسانية إماراتية للاجئين السودانيين.

 

الصحيفة الأمريكية أكدت أن الإمارات تراهن على دعم قوات الدعم السريع الموالية لها، لحماية مصالح أبوظبي في السودان والاستفادة من موقعه الاستراتيجي على البحر الأحمر ونهر النيل، للوصول إلى احتياطات الذهب السودانية الهائلة. إضافةً إلى أن من أهم مصالح الإمارات في السودان مساحات الأراضي الزراعية الشاسعة، وحصة في ميناء مخطّط له على البحر الأحمر ستكون كلفته 6 مليارات دولار.

من جانبها كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن الإمارات تدير عملية سرية متقنة لدعم قوات الدعم السريع في الحرب الداخلية المستمرة في السودان، تحت ستار العمل الإنساني، موضحةً أن أبوظبي تزود تلك القوات بأسلحة قوية وطائرات بدون طيار، وتعالج المقاتلين المصابين، ورغم أن الأدلة تؤكد دعم أبوظبي لتلك القوات إلا أن الإماراتيين يصرون على أن عملياتهم في الحدود مع السودان هي عملية إنسانية بحتة، مؤكدةً أن الإمارات تستغل المساعدات الخاصة بها لإخفاء دعمها العسكري لقائد قوات الدعم السريع.