تحذير أممي من انهيار السودان.. والمعارك تتحدى الهدنة

 

YNP:    

شهدت الخرطوم غارات جوية وإطلاق نار، فيما تواصل إجلاء آلاف الأجانب من السودان مع دخول المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع أسبوعها الثالث، رغم الهدنة المعلنة والجهود الدولية لوقف القتال.

طرفا النزاع في السودان يتبادلان الاتهامات بانتهاك الهدنة التي تم تمديدها لمدة 3 أيام بوساطة دولية

تتزايد أعمال النهب والتدمير داخل مخيمات النازحين في دارفور ومنظمة أطباء بلا حدود توقف أعمالها

غرق السودان في الفوضى منذ انفجر في منتصف أبريل (نيسان) الصراع الدامي على السلطة بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الملقّب "حميدتي".

أوقعت الحرب ما لا يقل عن 528 قتيلاً و4599 جريحاً، وفق أرقام أعلنتها وزارة الصحة السبت، لكن يرجح أن تكون الحصيلة أكبر من ذلك.

ونزح حوالي 75 ألف شخص إلى الدول المجاورة مصر وإثيوبيا وتشاد وجنوب السودان، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فيما تنظم دول أجنبية عمليات إجلاء واسعة.

اتهامات متبادلة

في هذا السياق، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن أسفه لاستمرار القتال فيما "ينهار البلد".

ويتبادل طرفا النزاع الاتهامات بانتهاك الهدنة التي تم تمديدها لمدة 3 أيام بوساطة دولية، وتنتهي الأحد في منتصف الليل 22:00 بتوقيت غرينتش.

ويعاني السكان الذين يحاولون الفرار أو يقبعون في منازلهم، أزمات شاملة مع انقطاع المياه والكهرباء ونقص الغذاء.

وقال أحد سكان جنوب الخرطوم: "استيقظنا من جديد على أصوات الطائرات الحربية ومضادات الطائرات في كل الحي".

وأكد شاهد عيان آخر أن المعارك مستمرة منذ الفجر خصوصاً حول مقر القناة التلفزيونية العامة في ضاحية أم درمان بشمال الخرطوم.

وأعلنت نقابة الأطباء السودانيين أن 70% من المرافق الصحيّة في المناطق القريبة من مواقع القتال باتت خارج الخدمة والعديد منها طاوله للقصف وتبادل الجنرالان المتصارعان، الجمعة، الاتهامات عبر وسائل الإعلام.

ووصف البرهان قوات الدعم السريع بـ"الميليشيا التي تسعى إلى تدمير السودان"، مؤكدا تدفق "مرتزقة" من تشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى والنيجر، على شاشة قناة "الحرّة" الأمريكية.

أما دقلو فتحدث من جهته عبر قناة "بي.بي.سي" عن خصمه واصفاً إياه بـ"الخائن" معتبرا أنه "ليس جديراً بالثقة".

وكان البرهان ودقلو قد أطاحا معاً عام 2021 بشركائهما المدنيين بعدما تقاسما السلطة معهم منذ سقوط الرئيس عمر البشير عام 2019.

لكن سرعان ما ظهرت خلافات بينهما وتصاعدت حدتها، ومن أبرز أسبابها شروط دمج قوات الدعم السريع في الجيش، قبل أن تتطور إلى صراع مسلح في 15 أبريل(نيسان).

وقال ممثل الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتيس، لقناة "الجزيرة" إنه لم يكن هناك "أي مؤشر" الى اندلاع المعارك في 15 أبريل(نيسان) وخصوصاً أن طرفي النزاع كان مقرراً أن يلتقيا في اليوم المذكور.

والسبت، دعا رئيس جنوب السودان سلفا كير، وهو وسيط تاريخي في السودان، الجنرالين إلى إجراء "حوار مباشر بناء وملموس".

وحضّهما أيضاً على "عدم محاولة تعزيز مواقع"، علماً بأن مراقبين عديدين لاحظوا أن أي هدنة لم تصمد لأن أيا من طرفي النزاع لا يريد أن يدع فرصة للآخر للتقدم أو استقدام تعزيزات.

وحذر رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك، السبت، من أن النزاع في السودان قد يتفاقم إلى إحدى أسوأ الحروب الأهلية في العالم في حال لم يتم وضع حد له.

تواصل عمليات الإجلاء

وإذا كانت الهدنة لم تضع حداً للمعارك، فقد سمحت للممرات الإنسانية بالبقاء مفتوحة وفي هذا السياق، أتاحت قافلة نظمتها الولايات المتحدة إجلاء مواطنين أمريكيين ومن دول أخرى الى بورتسودان (شرق).

وانطلاقاً من المكان المذكور، وصلت السبت سفينة تقل نحو 1900 شخص من جنسيات مختلفة إلى جدة في غرب المملكة العربية السعودية وأعلنت السعودية أنه تم في الإجمال إجلاء نحو 4879 من مواطنيها ومواطني 96 دولة أخرى عبر المملكة.

وقالت وزارة الخارجية البريطانية إن أقل من 1900 بريطاني تم إجلاؤهم في 21 رحلة، بما في ذلك رحلة أخيرة كان من المقرر أن تغادر السبت.

وأعلن بيان صادر عن الخارجية الأمريكية أن قافلة تضم مواطنين أمريكيين وموظفين محليين ومواطنين من دول حليفة وصلت السبت إلى بورتسودان مع استمرار عملية الإجلاء من السودان الذي تعصف به الحرب ولم يحدد البيان الصادر عن المتحدث باسم الخارجية ماثيو ميلر، عدد الأشخاص في القافلة.

من جهتها، قالت كندا إن "نافذة الفرص تضيق"، وصرّحت وزيرة الدفاع الكندية أنيتا أناند "نواصل تقييم مختلف الخيارات لإجلاء الكنديين، بما في ذلك عبر الطرق البرية والبحرية" وأضافت أن "أكثر من 375 كندياً" تم إجلاؤهم من السودان، ولا يزال نحو 300 آخرين ينتظرون المساعدة للخروج من البلد.

يتوقع برنامج الأغذية العالمي أن يواجه ملايين الأشخاص الإضافيين الجوع في أحد أفقر بلدان العالم حيث كان قرابة ثلث السودانيين البالغ عددهم 45 مليونا يحتاجون الى مساعدات غذائية قبل اندلاع الحرب

قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية "تان كه في"، السبت، إن "الجيش الصيني أكمل مهمة إجلاء الصينيين من السودان".

ونقلت وكالة أنباء "شينخوا" الصينية عن المتحدث قوله إن سفن البحرية الصينية نقلت 940 مواطناً صينياً و 231 أجنبياً من السودان إلى ميناء جدة السعودي في عمليتي إجلاء في الفترة من يوم الأربعاء الماضي وحتى يوم السبت وأوضح تان أن الجيش الصيني سيظل دائماً حاميا للشعب، وقوة كبيرة لحماية السيادة الوطنية والأمن ومصالح التنمية.

جحيم دارفور

في غرب دارفور، قتل 96 شخصاً على الأقل منذ، الإثنين، في مدينة الجنينة، بحسب المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الانسان التي وصفت الوضع بأنه "خطير".

وتتزايد أعمال النهب والتدمير وإضرام الحرائق بما في ذلك داخل مخيمات النازحين، بحسب منظمة أطباء بلا حدود التي اضطرت الى "وقف كل أعمالها تقريبا في غرب دارفور" بسبب العنف، بحسب ما قال نائب مدير المنظمة في السودان سيلفان بيرون وحذّر بيرون في بيان من أن منظمته "قلقة جداً من تأثير أعمال العنف على الذين سبق أن عانوا موجات من العنف".

وشهد إقليم دارفور حرباً دامية بدأت في العام 2003 بين نظام البشير ومتمردين ينتمون الى أقليات إثنية ما أسفر عن مقتل 300 الف شخص ونزوح 2,5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة.