"أنستنا يا عيد" أغنية خالدة في ذاكرة الفرح اليمني

YNP: اندبندنت عربية

في الساعات الأولى من إعلان انتهاء شهر رمضان المبارك ودخول العيد، تصدح الفضائيات والإذاعات اليمنية بأغنية "أنستنا يا عيد" وتسمعها وأنت في الشارع والمنزل وفي كل مكان، ويُخيَّل إليك بأن العيد أغنية.

"أنستنا يا عيد" أغنية يمنية مبهجة كانت ولا تزال حين تُذاع تبعث في النفس شجناً كإيقاعات نغماتها، وتقطر من كلماتها معاني الوصال وأصوات الألفة.

حوالي اكثر من 40 سنة مضت على ولادة هذه الأغنية، التي أضحت أحد طقوس العيد في اليمن. ولا يكتمل عيد اليمنين إلّا بسماعها، وهي للشاعر عباس المطاع وغنّاها الفنان الراحل علي بن علي الأنسي.

 أغنية "أنستنا يا عيد"

أضحك على الأيام

وأبرد من الأوهام*

وأمرح مع الأنغام

وأفرح بهذا العيد

...

سلم على أحبابك

وأهلك وأصحابك

وقل لمن عابك 

مبروك عليك العيد

عدوك إضحك له

وإن كان عديم قله 

ومن حنق قله

مش وقت يا أخي عيد

...

مش وقت قالت قال

ودحس عال العال 

وما يهم البال

خليه لبعد العيد

...

واحذر من التجريح

حتى ولو تلميح

وللخطأ تصحيح

لا سيما في العيد

...

عوذب من الشيطان 

ولاطف الإخوان

والحائر... الغلطان

ورّيه طريق العيد

...

خلّيك بين الناس

شاطر لبيب حساس

لا بأس عليك لا بأس

ارتاح وأهنا العيد

...

واعطف على السائل

وأدي له الحاصل 

فدمعه السائل

يمحق عليك العيد 

...

وإن كنت فاعل خير

فالأهل قبل الغير 

وإن قلت ما ناش حير 

فليش قالوا عيد 

...

رفّه على نفسك

وانسى عنا أمسك

بَسّك لبيج بَسّك 

وأمذغ جمال العيد

...

يابن اليمن حسبك

أنك بنيت شعبك

فأثبت على دربك

ولا لك إلّا عيد

...

حقّقت إنجازات

تفيض بالخيرات

وهات يا ما هات

من عيد يعانق عيد

...

سلام سلام يا صحاب

يا أهل يا أنساب

عدتم جميع يا أحباب

لا مثل هذا العيد

آنستنا يا عيد

آنستنا يا عيد .

سر الخلود

 

الفنان والناقد الموسيقي جابر علي أحمد تحدث لـ "اندبندنت عربية" عن سرّ خلود هذه الأغنية في ذاكرة اليمنيين، وعلّل ذلك قائلاً "لأسباب عدّة، منها أن هذه الأغنية ارتبطت بعيدَيْ الفطر والأضحى، وهما مناسبتان دينيتان عزيزتان على اليمنيين لبعدهما الروحي. وثمة بعد إعلامي في هذا السياق، إذ إنّ ترديد وسائل الإعلام المرئية والمسموعة لهذه الأغنية بالذات في عيدَيْ الفطر والأضحى، ثبت في الوعي الجمعي بأن ثمة ارتباطاً شرطياً بين هذه الأغنية وهاتين المناسبتين، لدرجة أن كثيرين لا ينفعلون بالعيد إلّا إذا استمعوا إلى تلك الأغنية، مثلها مثل أغنية أم كلثوم يا ليلة العيد في مصر".

وأضاف أنه "إذا انتقلنا إلى الأبعاد الأخرى، فربما يقفز إلى الذهن أن العناصر الفنية المستلهمة من البيئة اليمنية، فهذا العنصر حرك حسيّاً، عدداً كبيراً من اليمنيين تجاه هذه الأغنية. فإيقاع (الوسطى) الذي يرقص على دماته وتكاته اليمنيون واليمنيات، جعل لهذه الأغنية جاذبية خاصة عند غالبية القاطنين في المرتفعات والهضبة الوسطى في البلاد، إذ إنّ هذا الإيقاع لا تتحرّك على دقاته أعضاء الجسم الخارجية فقط، وإنما الكيان الروحي الداخلي ليمنيين كثر".

وختم حديثه بالقول "أخيراً، نأتي إلى العنصر الأهم وهو أن وراء هذه الأغنية الفنان خالد الذكر علي الأنسي، الذي ارتبط اسمه برغبة اليمنيين في الانعتاق من حكم الأئمة، وله في هذا الصدد صولات وجولات لا تزال الذاكرة اليمنية تحتفظ بتفاصيل كثيرة من مرحلة الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن المنصرم. وهذا الانحياز المعنوي للأنسي لم ينعكس فقط في مجموعة الأناشيد الوطنية التي كانت تردّدها الجماهير في تلك الفترة، وإنما في تلك الانطلاقات الموسيقية الجريئة التي كانت محلّ رضى كثيرين منهم. فعلي الأنسي علم فني يمني كبير، ولهذا غناؤه لـ"أنستنا يا عيد" سيجعلها محطّ الاهتمام العام، وسيكون ذلك بالتالي من أبرز أسباب الشيوع الشامل لهذه الأغنية".