ما أبرز الدلالات الإستراتيجية لعمليتي "إعصار اليمن" وتداعياتها الأولية !

YNP _ حلمي الكمالي :

لم يتسنى لحرائق صواريخ عملية إعصار اليمن الأولى أن تنقشع من سماء الإمارات حتى باغتها الرد اليمني بضربة ثانية واسعة وقاصمة، طالت مواقع حساسة في العاصمة الإماراتية على رأسها قاعدة الظفرة الجوية التي تعد مركزا عسكريا لقيادة القوات المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط .. فما هي دلالات وأبعاد هذه العمليات الإستراتيجية المركبة ؟ وهل نشهد نهاية قريبة للحرب على اليمن ؟.

هناك متغيرات جذرية طرأت أثناء وعقب عملية " إعصار اليمن الثاني "، وشكلت نقلة نوعية في موازين القوى والقوة في المنطقة، أبرزها تصريحات قيادة القوات الجوية الأمريكية المتواجدة في قاعدة " الظفرة " المستهدفه، والتي أكدت بصريح العبارة أن قواتها " فرت إلى الملاجئ داخل القاعدة خلال هجوم قوات صنعاء على أبو ظبي ".

هذه التصريحات الغير مسبوقة في تاريخ القوات الأمريكية، تشير إلى العديد من المضامين والدلالات الإستراتيجية منها، إعتراف ضمني بعجز القدرات الدفاعية لواشنطن عن صد الهجمات الصاروخية والمسيرات اليمنية، وهو إعتراف يمثل الطلقة الأخيرة في عنق التحالف المتهالك، في حين يؤكد أن الإمارات ليست وحدها غير آمنه بل وكل دول هذا التحالف أصبحت في دائرة الخطر بالفعل، خصوصا وأنه ترافق مع دعوة عاجلة للسفارة الأمريكية في الإمارات، لرعاياها، لتوخي الحذر ورفع مستوى الوعي الأمني.

الأهم من ذلك، فإن تلك التصريحات، أظهرت لأول مرة مساعي أمريكية جاده للهروب من مواجهة قوات صنعاء، والنأي بنفسها من الهجمات اليمنية، وهو ما يفسر انكفائها حتى عن خوض التصريحات الجوفاء عقب العملية الهجومية الأخيرة، ومحاولات التأكيد بشكل غير مباشر على أن القوات الأمريكية في الإمارات غير قادرة على الرد أو صد تلك الهجمات.

بالطبع لا تريد واشنطن أن تتحمل تداعيات فشل دول التحالف في اليمن، لأنها تدرك تماما أن حجم تكلفة هذا الفشل، وتأثيره المباشر سيكون كبيرا وخطيرا على المصالح الأمريكية في المنطقة، لذلك فإنه من مصلحتها خفض التصعيد أمام قوات صنعاء، عبر وكلائها الإقليميين، لكن الأمر لا يتعلق بالمصالح الأمريكية الغربية وحسب، بل والإسرائيلية أيضا.

هذا التراجع والإنكفاء الأمريكي أثار مخاوف تل أبيب ، وهو ما دفع رئيس استخبارات الأخيرة عقب عملية إعصار اليمن الثانية، لدعوة عاجلة لتشكيل تحالف صهيوني خليجي جديد لمواجهة التحديات القادمة من اليمن، حيث يخشى كيان الإحتلال من الوقوع في شراك صنعاء كصيد سهل في ظل تصاعد قدراتها الصاروخية وتراجع نفوذ الولايات المتحدة، الشريك الأساس والحليف الإستراتيجي في المنطقة.

بعيدا عن تلك التحركات، يمكن القول بأن صنعاء حققت تقدما إستراتيجيا من خلال عملياتها العسكرية في العمق الإماراتي الأخيرة، على الرغم من كونها لاتزال في نطاق " الرسائل التحذيرية "، فكيف إذا ما انتقلت إلى مرحلة الوجع الكبير الذي تحذر منه مرارا وتكرارا، والذي يبدو أنها اقترب من تدشينه، ولعل هذا ما يمكن فهمه من التصريحات الأخيرة لمتحدث قواتها العميد يحيى سريع، الذي لوح لأول مرة بإستهداف " إكسبو " ونصح بنقله خارج الإمارات.

على أية حال ، فإننا يبدو أمام متغيرات جذرية أكثر حده قد تشهدها المنطقة خلال الأيام القادمة، في حين تبدي قوات صنعاء تحكمها كليا في تفاصيل المواجهة المفتوحة مع قوى التحالف وحلفائها الدوليين، وسط توقعات بقرب سقوط التحالف وتفككك قواعده بدءاً من الداعمين الدوليين إلى الأدوات المحلية.