سعودية من "الجوف" تتهم السلطات بالتعامل مع المواطنين كأنهم "حيوانات"

YNP / إبراهيم القانص  :

تبتعد الوعود بحياة أفضل ومستقبل أكثر رخاء وحرية، ويتخذ الحاضر- بحسب المعطيات الجلية للواقع- مظهراً مقلقاً وأكثر ريبة وتوجساً لدى السعوديين، حيث أصبح مجرد مزيج من اليأس والرقابة على العقول، فنمط التفكير والتعامل الجديد الذي تنتهجه السلطات السعودية ليس سوى نسخة أشد قتامة وضبابية من الأنماط القديمة،

ولم يكن إعلان ولي العهد التحرر منها سوى اجترارات أمام المايكروفونات وشاشات القنوات التلفزيونية، ولا تتعدى كونها مواد للاستهلاك الإعلامي، الغرض منها تلميع صورة الحاكم الفعلي وإفساح الطريق أمامه للاستفراد بالحكم وسحق كل من يقف في طريقه، وهو ما حدث فعلاً حين زجّ محمد بن سلمان بكل أقربائه في السجون وصادر ممتلكاتهم وصادر حرياتهم، أما بالنسبة للمواطنين فهم مجرد شهود على بناء دولة بوليسية أكثر شراسةً وقمعاً من ذي قبل، وتحت غطاء التحديث والتطوير يرسم ولي العهد خطوط حكمه واتجاهه نحو ديكتاتورية غير مسبوقة، وحسب مراكز أبحاث ودراسات أجنبية فقد وصلت الأوضاع الحقوقية في السعودية إلى مستويات متردية لم تشهدها المملكة من قبل.

 

لا يجرؤ مواطن سعودي أن يشكو من تعرضه لظلم السلطات بصوت مسموع، فقد يكلفه ذلك حياته، إما أن يُعدم بتهمة الخيانة والخروج على ولي الأمر، وإما أن يتم إخفاؤه في سجن سري وتعذيبه حتى الموت، لكن سيدةً سعودية خرجت عن صمتها وخلعت عباءة الخوف من أجهزة بن سلمان القمعية، وأطلقت لصوتها ودموعها العنان بعد ما أخرجتها السلطات السعودية من منزلها قسراً، لتجد نفسها في العراء هي وأطفالها السبعة.

 

خلال الأيام القليلة الماضية، تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلاً مرئياً مؤلماً لامرأة سعودية، تبكي بحرقة وألم شديدين بسبب طردها بالقوة من منزلها في محافظة القريات بمنطقة الجوف شمال المملكة، متهمةً رئيس جمعية البر الخيرية، بأنه خدعها لتوقع على تنازل عن المنزل الذي كانت تسكنه، ثم طردها مع أبنائها السبعة مشيرةً إلى أن المنزل كان شبه مدمر وأنها رممته على نفقتها الخاصة، وقد استعانت الجمعية، المعروفة بقصص مشابهة من الاحتيال، بالشرطة لإخراج المرأة وأطفالها من المنزل بالقوة، وأبدت المرأة استغرابها من حدوث ذلك تجاه سيدة سعودية في بلدها، مؤكدة أنها استغاثت بعدد من الجهات المعنية، إلا أن الجميع لم يعيروا مظلوميتها أي اهتمام.

 

السيدة السعودية المطرودة من منزلها، أشارت إلى أن سلطات بلادها تتعامل مع مواطنيها كما لو كانوا "حيوانات في الشارع"، حسب تعبيرها، متسائلة أين ولي العهد مما يحدث، في إشارة ضمنية إلى وعوده المتواصلة بحياة أفضل للسعوديين.

 

ويتعرض الآلاف من المواطنين السعوديين للتهجير القسري من منازلهم في عدد من المدن والقرى، مثل الحويطات وجدة، بحُجة إعادة تأهيل تلك المناطق وفق خطط ولي العهد التي يطلق عليها "رؤية 2030"، إلا أن طابع الظلم والتعسف هو السائد، حيث لا يحصل المواطنون المستهدفون على بدائل أو تعويضات تمكنهم من شراء منازل بديلة، وحسب منظمة العفو الدولية فإن عمليات الهدم الجارية لعشرات الأحياء في مدينة جدة السعودية المطلة على البحر الأحمر، من أجل إعادة التطوير، تنتهك معايير حقوق الإنسان بسبب الإخلاء القسري وعدم حصول السكان على تعويضات، موضحةً أن قيمة التعويضات تُحدد فقط بعد هدم المباني، وأن الخطط لا تشمل المواطنين غير السعوديين الذين يمثلون 47 بالمئة من سكان الأماكن المستهدفة في جدة.