زيارة سعودية بعد ثمانية أعوام من الحرب .. صنعاء تحطم الأبراج العاجية للرياض

YNP /  إبراهيم القانص –

علامات استفهام كثيرة، وتساؤلات مغلفة بالدهشة حيناً وبالإعجاب حيناً آخر، بشأن استقبال صنعاء وفداً سعودياً، لا تزال سلطات صنعاء والرياض على حد سواء تحيطان تتحفظان على تفاصيله وتحيطانه بشيء من التكتم،

لكنه بلا شك وفي هذا التوقيت تحديداً، يحمل الكثير والمهم من الدلالات، التي قال نائب مدير دائرة التوجيه المعنوي التابعة لدفاع صنعاء، العميد عبدالله بن عامر، إنها دلالات لا يفهمها إلا ذوو الشأن والراسخون في السياسة، في إشارة ضمنية إلى أن وصول وفد سعودي إلى صنعاء لأول مرة منذ بدء الحرب التي تقودها الرياض على اليمن ودخلت عامها الثامن، قد يكون إذعاناً سعودياً فرضه التحول غير العادي في مستوى القوة التي وصلت إليها سلطات صنعاء- عسكرياً وسياسياً- والذي حققته من منطلق إيمانها القوي بعدالة موقفها في الدفاع عن السيادة الوطنية والاستقلال من الوصاية الخارجية، واختيارها وإصرارها على المُضيّ في مسارات التصدي لما تتعرض له البلاد من حرب عسكرية واقتصادية، بل تجاوزت مستوى البقاء في وضع الدفاع والتصدي إلى مستوى القدرة على الهجوم ووضع الدولتين اللتين تقودان الحرب في مرمى الخطر المحدق بمنشآتهما الحيوية ومستقبلهما الاقتصادي، ومهما اختلفت التحليلات والآراء بشأن الزيارة السعودية فأحد الثوابت هو أن سياسات صنعاء أجبرت النظام السعودي على النزول من برجه العاجي، هذا إذا لم تكن قد كسرت ذلك البرج وأوقعته أرضاً.

 

نائب مدير دائرة التوجيه المعنوي التابعة لقوات صنعاء، أشار في تدوينة على تويتر، أمس الأربعاء، إلى تقدم في المفاوضات الجارية بشأن تمديد الهدنة الأممية وفق شروط صنعاء المتمثلة بدفع رواتب الموظفين، مؤكداً أن هناك مستجدات مهمة وتقدماً كبيراً وصل إلى مستوى وضع اللمسات الأخيرة، موضحاً أن تأخر إعلان هذا التقدم أمر طبيعي، على اعتبار أن طرف التحالف قد يتراجع، وحسب تعبير العميد عبدالله عامر فإن كل شيء محتمل حتى لحظة الإعلان.

 

واعتبر عامر تصريحات وزير الخارجية السعودية، في مقابلة أجرتها معه قناة العربية، بشأن الهدنة في اليمن، التي أكد فيها حرص حكومته على تمديد الهدنة، خطوة إيجابية، مشدداً على ضرورة تحول الأقوال إلى أفعال، ناصحاً من يريد قراءة التطورات خلال الساعات المقبلة بشكل صحيح، بالعودة إلى حديث رئيس المجلس السياسي الأعلى التابع لصنعاء، مهدي المشاط، الذي أكد أن من يرفض حقوق الشعب اليمني هو من يرفض الهدنة.

 

ربما يكون الوقت مناسباً الآن لإعادة الأمور إلى نِصابها، وتصحيح الأوضاع غير السوية التي هيّأتها السعودية والإمارات لشرعنة قتل اليمنيين وتدمير بلادهم، ونهب ثرواتهم، لكن المرتقيات الصعبة والمسارات الوعرة التي سلكتها صنعاء ووصلت عبرها إلى مستوى وضع مستقبل دول التحالف على المحك، بإنجازاتها العسكرية والسياسية واستنادها إلى شرعية ما تقاتل من أجله، بدأت تؤتي ثمارها، بعد ما عرّفت كل طرف بحجمه الطبيعي، حيث كانوا قد تجاوزوا حقيقتهم، وقفزوا فوق خطوط المسموح والممكن، والسؤال الجدير في هذه التطورات هو: ما موقف اليمنيين الموالين للتحالف من زيارة الوفد السعودي إلى صنعاء للتفاوض، ألم كانوا هم الأولى والأجدر بهذا الموقف، ربما انتهى دورهم وتم الاستغناء عن خدماتهم، التي أبطلت صنعاء مفعولها، المخجل أنهم وضعوا أنفسهم منذ البداية في موضع التبعية مسلوبي القرار والإرادة، حيث كانوا مطايا أوصلوا راكبيهم حيث شاءوا وانتهت مهمتهم.