عملية "ميناء الضبة" تلقي بظلالها على الاقتصاد السعودي

YNP / إبراهيم القانص -
بدأت تداعيات حرب السعودية على اليمن تلقي بظلالها القاتمة على واقع الاقتصاد السعودي، حيث كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية تراجعاً قياسياً للاستثمار الأجنبي في السعودية، الأمر الذي يقوض خطط ولي العهد محمد بن سلمان وتنفيذ رؤية 2030، والتي يقول خبراء أنها إلى الخيال والوهم أقرب منها إلى الواقع الذي يمكن ملامسته.

ورغم محاولات ولي عهد السعودية جذب المستثمرين الأجانب، إلا أن الاستثمار في بلاده لا يزال في مستويات منخفضة، بسبب حربه على اليمن والتهديدات اليمنية التي أصبحت المملكة في دائرة الخطر نتيجتها، خصوصاً أن سلطات صنعاء لا تطلقها جزافاً أو من باب الاستعراض، بل تترجمها إلى أفعال خبرتها السعودية جيداً، يقول مراقبون.

وذكرت الصحيفة الأمريكية أن التوترات بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية- والتي من أهم أسبابها الحرب على اليمن ومسألة الحماية الأمريكية التي تبتز بها واشنطن الرياض- تثير قلق المستثمرين، فالصراع بين واشنطن وروسيا والصين تضع الاستثمارات في الدول التي ليست على وفاق مع الولايات المتحدة في مهب الخطر، إضافة إلى أن الشركات الدولية تشكو من بطء تسديد المقاولين وفواتير الضرائب التي تفرض بأثر رجعي والبيروقراطية القديمة لدى نظام المملكة.

وأكثر من أي وقت مضى، يؤكد المراقبون أن العملية العسكرية التي نفذتها قوات صنعاء في ميناء الضبة بحضرموت وصلت أصداؤها وتداعياتها وإن بشكل غير مباشر إلى واقع الاستثمار في السعودية، كونها أحد المستهدفين من قرار منع نهب وتصدير النفط اليمني وحرمان اليمنيين من عائداته، فهي تشرف بشكل رئيس على تلك العمليات، وغالبية عائداتها تورد إلى أحد بنوكها، وتحديداً إلى حسابات في البنك الأهلي السعودي، حيث أشارت مصادر في حضرموت إلى أن التحالف لا يزال يحقق في العملية العسكرية التحذيرية بمشاركة خبراء عسكريين أجانب، بريطانيين وأمريكيين، موضحةً أن الضربة نفذت باحترافية عالية تكشف أن صنعاء أسلحة ذات تقنيات تكنولوجية دقيقة، إضافة على تفوق عالٍ في الجانب الاستخباراتي، لافتةً إلى أن قوات صنعاء لم تفصح عن كل المعلومات بشأن العملية العسكرية في ميناء الضبة، مرجحةً أنها تحمل رسائل أخرى غير الرسالة الواضحة المتعلقة بمنع تصدير النفط، من ضمنها امتلاك أسلحة نوعية دقيقة، الأمر الذي شكَّل رعباً حقيقياً للتحالف، وبداية تراجع اقتصادي لدوله، كون ذلك يعني الكثير للمستثمرين الأجانب الذين يُعدّ الجانب الأمني الركيزة الأساسية لإبقاء أموالهم في تلك الدول للاستثمار، بحيث أن انعدام الأمن يعتبر سبباً كافياً للتفكير في مسألة الاستمرار أو الرحيل والبحث عن وجهات استثمارية أكثر أماناً.

وكانت أكبر شركات إنتاج وتسويق النفط في محافظة حضرموت، أعلنت وقف عمليات الإنتاج، والبدء بتسريح عمالها، بعد أيام على العملية العسكرية التي نفذتها قوات صنعاء في ميناء الضبة، بعد قرارها منع عملية تصدير النفط اليمني، حيث أكدت شركة بترومسيلة، في بيان اليوم الثلاثاء، أنها لم تعد قادرة على إنتاج المزيد من النفط، في ظل امتلاء خزاناتها نتيجة توقف التصدير، وأنها بذلك تعجز عن سداد مرتبات موظفيها الذين بدأت تسريحهم.

بطريقة أو بأخرى، يؤكد مراقبون أن قرار صنعاء منع تهريب ونهب وتصدير النفط اليمني بإشراف التحالف والحكومة الموالية له، بعيداً عن مصالح اليمنيين، ستمتد تأثيراته إلى دول الخليج التي تقود الحرب على اليمن، الإمارات والسعودية، وسيؤثر عاجلاً أو آجلاً في اقتصاداتها القائمة على النفط والاستثمارات الأجنبية، وقد تجد صنعاء استهداف المنشآت النفطية في تلك الدول خياراً مناسباً في حال استمر التحالف في عرقلة تنفيذ شروطها المتضمنة صرف المرتبات ورفع الحظر عن الموانئ والمطارات اليمنية، وإنهاء عمليات احتجاز سفن الوقود والغذاء والدواء التي يمنعها التحالف من الوصول إلى ميناء الحديدة.