بعد اعتقال المعتمرة اليمنية .. هل سيفقد النظام السعودي سطوته على المشاعر المقدسة ؟

YNP /  إبراهيم القانص -

لم يكن اعتقال المعتمرة اليمنية مروة الصبري، من داخل الحرم المكي على يد جهاز الأمن والاستخبارات السعودية، إلا انكشافاً جديداً لمزاج النظام السعودي ضد اليمن واليمنيين، فهو عادةً مزاج تختلط فيه مشاعر الحقد والكراهية والعدائية المباشرة وغير المباشرة، لكن الأجد في الذي تكشف عن عملية اعتقال المعتمرة اليمنية والحكم عليها بالسجن لمدة عام كامل هو دلالة المكان الذي تمت فيه عملية الاعتقال،

فأن تعتقل معتمراً جاء من بلاده قاصداً بيت الله الحرام، المكان الأكثر أماناً وسكينة على وجه الأرض، كما يفترض أن يكون، فالأمن سمة من سمات المسجد الحرام؛ فهذا لا يعني سوى أن النظام السعودي أصبح يتعامل مع الأماكن المقدسة باستخفاف واستنقاص لقيمتها العالية في تشريعات الله الواردة في كتابه الكريم، وكذلك في مشاعر ووجدانات المسلمين في كل بقاع الأرض، الأمر الذي يعدّه مراقبون مؤشراً على أن النظام السعودي سيفقد في القريب العاجل الامتياز الذي يخوله إدارة المقدسات الأكثر قيمة والأعلى شأناً لدى المسلمين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وحسب ناشطين حقوقيين فإن جريمة اعتقال المعتمرة اليمنية لسبب لا يرقى إلى مستوى الفعل ولا يبرره يُعدُّ تأكيداً جديداً على ضرورة إعادة النظر للبت في تدويل إدارة المشاعر الإسلامية المقدسة في مكة والمدينة عربياً وإسلامياً، وإنهاء السطوة المطلقة للنظام السعودي الذي أصبح يديرها وفقاً لمزاجه الطائش ومصالحه السياسية.

 

ويرى مراقبون أنه ليس سهلاً على الإطلاق أن يتقبل المسلمون ممارسات النظام السعودي في المشاعر الإسلامية المقدسة في مكة والمدينة، الخاضعة لتوجهاته السياسية ومصالحه والرؤى المتنافية مع الدين، والتي يجمِّل بها ذلك النظام وجهه القبيح أمام العالم، إذ كيف يتقبل المسلمون إدخال صحافي إسرائيلي إلى الأماكن المقدسة محفوفاً بحماية كاملة وحرية لا تحدها حدود، وفي الوقت نفسه يتم اعتقال معتمرة يمنية مسلمة لمجرد حقيقة قالتها بكل شجاعة- كونها يمنية لا تقبل الإهانة حين يتعلق الأمر ببلدها وشعبها- وكان ذلك أبسط ردٍ على استفزاز الشرطية السعودية التي وصفت اليمنيين بأنهم غير طيبين، فالرد عليها بأن النظام السعودي دَمّر اليمن لم يكن سوى تذكير بسيط لما أقدم عليه ذلك النظام من قتل اليمنيين وتدمير بلادهم على مدى ثمانية أعوام، والعالم كله يعرف ذلك ولا ينكره سوى ولي عهد السعودي محمد بن سلمان وأركانات نظامه والموالين له داخل اليمن، وإن كان ثمةَ معايير للطيبة والشيطنة فهي ظاهرة وناصعة كالشمس في ما فعله ولا يزال يفعله النظام السعودي في اليمنيين، سواء داخل أرضهم أو فوق أرضه، وفي ما يرد به اليمنيون على كل ذلك الحقد، فرغم التفوق العسكري الميداني منذ بداية حرب التحالف على اليمن كانت المنشآت المدنية والمواطنون السعوديون في مأمن ولم يتعرضوا لأي أذى رغم أنهم كانوا ولا يزالون في مرمى النيران اليمنية، وهذا هو الفرق وهو المعيار الحقيقي الذي يحدده من يتمسك بالقوانين والأعراف الدينية والإنسانية في الحرب وفي السلم.

 

أنشأ النظام السعودي، باسم الترفيه والانفتاح على العالم، البارات والمراقص والمسارح وقاعات الاحتفال التي تنظم فيها المهرجانات الموسيقية والسينمائية، التي تدعى إليها شخصيات متعددة الجنسيات من فنانين ورجال أعمال ورجال مافيا وعصابات، بمن فيهم الإسرائيليون العدو الأول للعرب والمسلمين، وبحرص شديد يجعل النظام السعودي تلك الأماكن ملاذات آمنة لكل ذلك الخليط، ولا يمكن أن يمس أحدهم سوء مهما قال أو فعل، لكنه يسلب الأمان من قاصدي المشاعر المقدسة التي جعلها الله آمنةً أمام كل قاصديها، كما لو أن ذلك النظام يتحدى المشيئة الإلهية غير مكتفٍ بالإساءة إلى مشاعر المسلمين، الأمر الذي يجعل نظام بن سلمان أقرب من أي وقت مضى من فقدان الثقة والامتياز في إدارة المشاعر المقدسة التي أصبح يقحمها في مراوغاته وأهدافه السياسية ومصالحه التي جعلتها مفتوحة آمنة أمام اليهود باسم التسامح الديني الذي يزعمه، وغير آمنة أمام المسلمين، فهل ستكون جريمة اعتقال المعتمرة اليمنية مروة الصبري بداية نهاية سطوة آل سعود على مكة المكرمة والمدينة المنورة؟.