شباب عدن يبتكرون طريقة لترميز استنكارهم تجاهل الحكومة وخوفهم من القمع

YNP /  إبراهيم القانص -

وصل المواطنون في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية الموالية للتحالف مرحلةً من اليأس، إذ انقطعت آمالهم في أن تخفف تلك الحكومة ولو بعضاً من جوانب مآسيهم المعيشية التي بلغت حداً يفوق قدرتهم على التحمل أو المواجهة،

أو أن يكونوا ضمن أولوياتها وخارج إطار إملاءات وتوجيهات التحالف الذي يستخدمها حصرياً لمصالحه وأطماعه التوسعية في السيطرة على ثروات البلاد ومواقعها الاستراتيجية، فالواقع الذي يعيشونه لا يشبه بأي حال ما تلوكه شبكاتها الإعلامية، فالحكومة ليست موجودة إلا على شاشات القنوات الفضائية والمواقع الإخبارية، أما في الواقع فلا شيء سوى البؤس المعيشي والفوضى الأمنية والقمع والانهيار المتواصل خصوصاً في الجوانب الخدمية والعملة الوطنية.

 

اصطدم أبناء المحافظات اليمنية الواقعة في نطاق سيطرة التحالف والحكومة الموالية له بواقع غير الذي صوره لهم التحالف في بداية تواجده عسكرياً في عدن وغيرها، ولم تكن تلك الوعود بالرخاء المعيشي والاستقرار الأمني سوى أحلام وردية صحا منها المواطنون ليجدوا أنفسهم محاطين بواقع مغلف بالسواد، وحين أدركوا فداحة ما حل بهم وكيف استخدمهم التحالف ليكونوا حاضنة ملائمة لمشاريعه وأطماعه، كان قد أعد لهم ومن خلال أدواته المحلية، وفي مُقَدَّمِها حكومة الشرعية، كل أساليب وطرق الردع والقمع والإسكات كلما فكر أحدهم في رفع صوته بالحق للاعتراض على الوضع المزري أو مواجهتهم بما ظلوا يكذبون به على البسطاء طيلة السنوات الماضية من عمر الحرب، وعقب كل صوت يرتفع خصوصاً إذا ما نطق باسم واحد من مسئولي الحكومة أو المكونات والفصائل التي تدير البلاد حسب خطط وموجهات التحالف، تتزايد نسبة الاعتقالات والاختطاف والاغتيالات، ويزداد الوضع سوءاً، حتى أصبح اليأس نتيجة طبيعية لواقع بُني على القمع وانتزاع الألسن لإخراس الأصوات.

 

حالة اليأس التي وصل إليها مواطنو تلك المناطق، خصوصاً مدينة عدن، أدت بالنتيجة إلى وجود ردة فعل تكسر الصمت الذي يفرضه القمع، وهو ما جسده شاب في مدينة عدن، وتناقلته منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، على هيئة تسجيل مرئي يخاطب فيه الشاب جداراً إسمنتياً، ويشكو الوضع المأساوي الذي يعيشه أبناء المدينة وغيرها من مناطق الشرعية.

 

الشاب جسد تجاهل حكومة الشرعية لأوضاع المواطنين، والصمم المفتعل عن سماع شكاواهم، وقمعها كل من ينتقدها أو يطالبها بما هو من صميم واجباتها، بصراخه في وجه الجدار، ومخاطباً إياه كما لو أن الجدار ملاذه الأخير باحثاً عن تفسير حالة الصمم والتجاهل لدى الحكومة، والعجز الذي وصلت إليه، عدا ما يكلفها به التحالف بعيداً عن مصالح المواطنين، وهي رمزية جسدت إلى حد كبير حال الحكومة وواقعها المخزي تجاه مواطنيها.

 

وكحتمية فرضها واقع مدينة عدن وبقية المناطق التي يسيطر عليها التحالف وأدواته، استطاع ذلك الشاب أن يجد طريقة يوصل من خلالها ما يعتمل في نفوس كل المواطنين المجبرين على الصمت، بما فيها من رمزية جسدت السخرية والاستنكار لواقع الحكومة ووضع مواطنيها، وفي المجمل استطاعت رمزية تلك الوسيلة عكس واقع مجتمعي ورسمي بكل تفاصيله، ولم يكن انتشار وتداول التسجيل بذلك الشكل الكبير إلا دليلاً على نجاح الوسيلة التي ابتكرتها حاجة الناس إلى التخفيف عن أنفسهم من الكبت المفروض عليهم وإيصال معاناتهم المستمرة بطريقة أكثر إفهاماً، ولا يستبعد مراقبون أن تكون تلك الوسائل التعبيرية نواة ستتشكل منها ثورة شعبية ربما لن تتأخر كثيراً، ضد التحالف وأدواته المحلية الرخيصة .