عدن النازفة عشية الذكرى ال54 للاستقلال

YNP -  طلال الشرعبي :

عشية الذكرى ال 54 لعيد الاستقلال وطرد آخر جندي من جنود الاحتلال البريطاني وتحقيق منجز التحرر العظيم .

تتأرجح عدن الابتهاج والاحتفال بهزيمة أمبراطورية الاحتلال البريطانية وانتصار الثورة الأكتوبرية وتتويج مسيرة كفاحها النضالية في ال30 من نوفمبر 1967م .. على معلاق توليفة جديدة من حمم صراع المصالح والأطماع والمخططات التآمرية المتعددة مفاعيلها ومصادر إنتاجها على المستوى المحلي والإقليمي والدولي .

لا شيء منطقي اليوم في عدن النازفة التي تسيل دماؤها وتتهالك أرواحها على مذابح صراع التسابق من أجل تحقيق وحماية وتأمين المصالح الشخصية الأنانية الضيقة أو تصفية الحسابات السياسية الداخلية وتنفيذ الأوامر والإملاءات الخارجية.

لا شيء منطقي في زمن الموت والجوع المدروس والمحسوس والمعاناة المريرة والعذابات المستمرة التي يتجرعها السواد الأعظم من الناس.

 لم تعد عدن تحتمل تكتيكات الشرعية المتآكلة أو تسويفات المكونات الحديثة وقياداتها المنعمة ، التي لا قيمة للوطن ولعزة وحرية أبنائه في قامسوها سوى السلطة والنفوذ وجمع المزيد من الثروات والأموال الطائلة.

عشية الذكرى ال 54 لعيد استقلالها ونيل حريتها تبحث عدن الجريحة عن حريتها المهاجرة ، تحاول جاهدة أن ترى في أفقها - الملبد بغبار عاصفة الحزم المخادعة وصراع الأدوات والمكونات ذات الثقافات المتعارضة والمتباينة - عن ملمحا واحدا من ملامح جمهوريتها الأكتوبرية الضائعة.

كل معطيات لحظة عدن التاريخية الراهنة عشية عيد استقلالها ال 54 تؤكد حقيقة واحدة هي حقيقة مستقبلها المفتوح على المزيد من الاحتمالات المجهولة والدماء النازفة من جراحاتها وتقرحاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تكاد أن تتحول إلى أمراض مزمنة ومستعصية .

لم يعد في عدن من يؤمن بفكرة الوطن ، سوى تلك الجماهير المتكسرة كعيدان القصب ، التي أنهكتها الصنوف والأشكال المتنوعة للمعاناة والتعب .

الوطن الكبير الذي رسمت وحددت معالمه جمهوريات فيصل وقحطان وسالمين تحول إلى مجرد وطن للرعايا والأتباع .

وخلف أقنعة قيادات مبادرات واتفاقات وصفقات كواليس المتاجرة الغامضة بحرية ووطنية الشعب وسيادة واستقلال الوطن توشك أن تختفي وتتلاشى الأبعاد والمدلولات الحقيقية لفكر وثقافة ووطنية عنتر وفتاح .

مفارقات عجيبة وتناقض صارخ وتباين وتعارض واختلاف كبير بين واقع عدن الانتصار لثورتها الأكتوبرية وأهدافها الخالدة وواقع عدن المفعم بالأحداث والوقائع المؤلمة والجراحات العميقة النازفة عشية الذكرى ال 54 لنيل حريتها واستقلالها في ال 30 من نوفمبر 1967م .

خلل في منظومات القيم واختلال في المدركات ، صراع مشوه وتحولات كارثية ، تناحر واقتتال ، نهب وتفجير واغتيالات وتصفيات .. جراحات نازفة وشرعية متآكلة ومطامع مقنعة وحرية مهاجرة.