وقال دافيد ميلر، أستاذ علم الاجتماع في جامعة بريستول البريطانية، إن المئات من البريطانيين ذهبوا إلى غزة والتحقوا بالجيش الإسرائيلي وشاركوا في عمليات الإبادة الجماعية، مشيراً، في حديث لبرنامج "قصارى القول" الذي تعرضه قناة "روسيا اليوم"، إلى أن البريطانيين يقاتلون إلى جانب الإسرائيليين في وقت "لا تزال القضايا ترفع في المملكة المتحدة بشأن قتل الجنود البريطانيين في إيرلندا منذ نحو 50 عاماً".
وشدد على أنه لا ينبغي نسيان جرائم القتل التي حدثت منذ عام 1948م، عندما احتل الإسرائيليون فلسطين، والذين وصفهم بـ"العصابات المسلحة"، وأضاف أنه "لا يجوز تجاهل عمليات الموساد الإسرائيلي في بريطانيا"، موضحاً أنه "لا يوجد مانع من طرح هذه القضايا، مثل قتل الرسام الفلسطيني الشهير ناجي العلي في لندن عام 1978 وهذه القضية يمكن أن تفتح من جديد"، مؤكداً أن "الجريمة لا تسقط بالتقادم".
الأكاديمي البريطاني قال إن الأهم الآن هو "قضية المواطنين البريطانيين الذين ذهبوا للمشاركة في الإبادة الجماعية في غزة"، الذين قال إن عشرين منهم فقط معروفون، لكنه نوّه بأن "هناك المئات منهم يشاركون في الإبادة"، داعياً إلى ضرورة "اتهامهم في المملكة المتحدة بجرائم الحرب فرداً فرداً، مثل ذلك الحاخام الذي عاد من غزة إلى جامعة ليدز، والآن يتظاهر بأنه يتعرض لمعاداة السامية مع أنه كان مشاركاً مباشرة في الإبادة".
وفي معرض حديثه عن تهديدات رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، بمعاقبة المتظاهرين المحتجين في لندن وغيرها من المدن البريطانية، واتهامهم بمعاداة السامية لرفعهم العلم الفلسطيني، قال ميلر: "لدينا مشكلة في بريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا بالدرجة الأولى، أن الصهاينة تسلقوا أعلى مستويات المؤسسة السياسية وفي وسائل الإعلام والمؤسسة الاقتصادية أيضاً".
وتابع: "الصهاينة اخترقوا غالبية أجزاء المجتمع، ومن يريد أن يدعم فلسطين أو يدعو إليها فسيجد صهيونياً يعرقل أو يرفض أو يماطل في القرار، والشيء نفسه في صناعة الموسيقى وصناعة الأفلام والسياسة والمالية، إن هذه هي المشكلة الأعمق لاختراق الصهاينة بُنية المجتمع، ولم ندرك هذا حتى الآن بشكل كامل".
وبشأن مبادرة أكاديميين فلسطينيين وإسرائيليين من نشطاء السلام، وبيانهم الذي طالبوا فيه بالتوقف عما يعرف بالإصلاحات القضائية في إسرائيل التي ترتبط مباشرة بحرمان الفلسطينيين مما تبقى لديهم من حقوق في هذه الدولة، وإمكانية أن يمتد النشاط إلى بريطانيا والولايات المتحدة وأوروبا وألمانيا، حذر ميلر مما يسمى حركات المعارضة في إسرائيل، لمساهمة جهات خارجية استخباراتية فيها، مثل "حركة جودة الحكم في إسرائيل" والتي قال إنها وكيل للمخابرات المركزية الأمريكية، وتمولها الخارجية الأمريكية، موضحاً أن غرض هذه المعارضة هو الدفع بإسرائيل إلى انتهاج سياسة أقل عنصرية وعنفاً مما هي عليه الآن، والهدف هو صرف الأنظار عن الإبادة الجماعية، حسب قوله.
وأكد أن ما يريد الجميع أن يراه "هو أن يحصل الفلسطينيون على حقوقهم"، مشيراً إلى أن "هذا لن يحصل بترميمات تجميلية لأطراف الحكم الصهيوني، لأن الحكومة تعتبر نفسها جزءاً من الدولة اليهودية ولا تعترف بحقوق بقية الناس الذين يعيشون في هذه الأرض، سواء في أرض 1948 أم قطاع غزة أو القطاع أو الضفة".
ولفت ميلر إلى أن "عرب 48 يشكلون نحو 20% من سكان إسرائيل، وهؤلاء حقوقهم منتهكة تماماً فلن تعترف أي حكومة إسرائيلية بحقوق عرب 48 وقطاع غزة والضفة والشتات ولن يتحسن شيء إلا بإزالة إسرائيل وبناء دولة فلسطينية، فلو أجرينا استفتاءً ديمقراطياً حول مستقبل فلسطين، أي هذه الأرض بمشاركة جميع القاطنين فيها، بحيث يسمح لجميع الفلسطينيين واليهود بالتصويت ستكون هناك غالبية ساحقة لمصلحة حل دولة إسرائيل وإزالة الدولة اليهودية ومؤسساتها، وإنشاء دولة فلسطين لجميع الناس"، واستدرك: "هذا أمر صعب تحقيقه، لكن العملية الديمقراطية ستفرز هذه النتيجة، لأن الناخبين اليهود لا يزيدون عن الثلث، أما الباقون فهم فلسطينيون، ذلك هو الشيء الديمقراطي وهذا ما يناضل من أجله الفلسطينيون".