المعادلة الصفرية لمشاورات الانتقالي والشرعية

YNP - طلال الشرعبي :
في الوقت الذي تستمر فيه التحضيرات لإجراء مشاورات الرياض 3 بين المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً وحكومة هادي للاتفاق حول تنفيذ بنود الاتفاق الذي وقع عليه الطرفان في نوفمبر من العام 2019م أي قبل عام ونصف من الآن لا سيما ما يتعلق بالشق العسكري من بنود الاتفاق .. لا تزال الممارسات والتحركات الميدانية على الأرض بالنسبة لكلا الطرفين تثبت حقيقة عدم جديتهما أو تعويلهما على نتائج المشاورات السياسية رغم موافقتهما على الدخول فيها .

وفي هذا السياق شهدت محافظات جنوب الوطن اليمني التي تتقاسم سلطة السيطرة وبسط النفوذ عليها قوات الانتقالي وقوات هادي والإصلاح في الآونة الأخيرة المزيد من التنافس والتحشيد والاستعدادات التي وصلت حد المواجهات العسكرية لا سيما في محافظات أبين وعدن .. على الرغم من تصريحات الطرفين المعبرة عن تقديرهما لجهود دول التحالف الرامية إلى إنجاح المفاوضات وإنهاء الصراع الدائر بينهما بالطرق السياسية.
إلى ذلك تبقى الحقيقة التي لا يمكن لأحد إنكارها هي حقيقة المعادلة الصفرية " البقاء عند نقطة الصفر " بالنسبة للمفاوضات والمشاورات السياسية بين الطرفين والتي تمثل مشاورات الرياض 3 أبرزها في ظل اللحظة التاريخية الراهنة .. حيث لا يزال صعيد الواقع الفعلي يشهد الكثير من تطورات أحداث ووقائع الصراع والمواجهة بين الطرفين وسعي كل منهما إلى تنفيذ أجنداته ومشاريعه الخاصة .. وفي الوقت ذاته تثبت تلك التطورات حقيقة اتخاذ الطرفين من المشاورات والمفاوضات السياسية غطاءً لتنفيذ أهدافهما ومخططاتهما الميدانية وسعيهما إلى بسط نفوذهما وسيطرتهما العسكرية على الأرض .
وفي هذا الإطار جاءت تحركات قوات هادي والإصلاح في محافظة شبوة وكذا في أبين التي شهدت وصول تعزيزات كبيرة لهذه القوات واستحداث مواقع عسكرية جديدة وإعادة التموضع في مواقع أخرى كانت قد انسحبت منها سابقاً إضافة إلى تنفيذ عدد من عمليات الاستهداف لقوات الانتقالي أسفرت عن خسائر بشرية ومادية فيها.
وبالمقابل جاءت تحركات المجلس الانتقالي في عدن رغم وصول وفده إلى الرياض في 30 مايو 2021م تلبية لدعوته الرسمية من المملكة السعودية بحضور المشاورات الجديدة مع ممثلين عن الرئاسة اليمنية لاستكمال تنفيذ اتفاق الرياض.
حيث شهدت مدينة عدن خلال الأيام القليلة الماضية تحركاً ونشاطاً كبيراً لقيادة المجلس تجلت أبرز مظاهر ذلك التحرك والنشاط في عقد الاجتماعات واللقاءات المتكررة بقيادات القوات الأمنية والعسكرية التابعة للمجلس واتخاذ عدد من القرارات التي كان منها قرار منع حمل السلاح في عدن.
ورغم ما ترتب عن ذلك القرار من أحداث دامية شهدها حي الشيخ عثمان بين فصائل تابعة للمجلس الانتقالي نفسه .. يمكن القول أن قيادة المجلس قد نجحت في استثمار تلك الأحداث من خلال إصدار عدد من القرارات العسكرية والأمنية الكفيلة بتعزيز قوته وسلطة سيطرته على المحافظة بشكل أكبر وفي الوقت ذاته نيل رضى دول التحالف لا سيما ما يتعلق بقرار نقل مقر قيادة وألوية الإسناد والدعم إلى خارج مدينة عدن .
حيث أصدر رئيس المجلس عيدروس الزُبيدي مساء الجمعة، عدداً من القرارات منها قرار تعيين القائد العسكري صالح أحمد السيد، قائداً جديداً لألوية الإسناد والدعم، وعلي ناصر المعكر أركان حرب وعبد السلام البيحاني ركن عمليات لهذه القوات التي عملت على تأسيسها الإمارات في عدن منذ العام 2016م .
كما تضمن القرار نقل مقر قيادة وألوية الإسناد والدعم إلى خارج عدن.
وأشارت المواد الخامسة والسادسة من القرار وفقا لما نشره الموقع الرسمي للمجلس الانتقالي، إلى أن هذه القوات "ستخضع لقيادة القوات البرية التي تخضع لوزارة الدفاع، كما تنظم مهامها وفق نظم وقوانين الوزارة".
وفيما يتعلق بقوات الحزام الأمني ، أصدر المجلس الانتقالي قراراً بتعيين القيادي السلفي محسن الوالي ، قائداً جديداً لها وتعيين مختار النوبي نائباً له، وعبيد مثنى لعرم ركن لعمليات هذه القوات التي أسندت إليها مهمة القيام بمهام الشرطة والأمن في محافظات عدن ولحج والضالع وأبين.
يشار هنا إلى أن هذه القرارات قد أثارت لغطاً كبيراً تعلق فيما تضمنته من حديث عن دمج قوات المجلس ضمن وزارتي دفاع وداخلية، دون الإشارة بشكل صريح ما إذا كان المقصود هو وزارة الدفاع التابعة لحكومة الشرعية ، وهو ما يعني الموافقة على تطبيق الشق العسكري من اتفاق الرياض، أم أن ذلك يأتي ضمن سعي الانتقالي إلى تنفيذ مخطط الانفصال واستعادة الدول الجنوبية التي يتكرر الحديث عن استعادتها في تصريحات قيادته بشكل مستمر .
وأيا كان الأمر تبقى الحقيقة الثابتة هي حقيقة ثبات المعادلة الصفرية لمشاورات الرياض 3 أو أي مشاورات قادمة بين الانتقالي المدعوم إماراتيا والحكومة الشرعية المدعومة سعودياً ولا شك أن الأيام القادمة ستكون كفيلة بالكشف أكثر وبشكل أوضح عن هذه الحقيقة.