دماء "الحرَّق" .. تحرق مليشيا تعز

YNP - إبراهيم يحيى :
تظاهرة تلو أخرى، لمجاميع من الرجال والنساء على حد سواء، تؤكد في مجملها حالة ضيق شعبية بلغت ذروتها، حيال عيشة ضنكى خلقتها ملشنة تعز، وحكمها بعصابات منفلتة، مارقة على القوانين وخارقة لنواميس المجتمع، تمادت في هتك الحقوق وسلب الحريات، ونهب الممتلكات.

تعز، المدينة الحالمة، تنتفض من جديد، ليس بدافع الجوع هذه المرة ورفضا للفساد، بل بدافع الفزع من وحشية "شريعة الغاب" التي تجاوزت بشاعتها مداها، وتفوقت بإجرامها على سادية نازية وفاشية القرن الماضي، حد الإبادة الجماعية للخصوم، قتلا للبشر وحرقا للمنازل.

وبالتزامن مع تظاهرة احتجاجية في مدينة التربة على الانفلات الأمني في مدينة تعز، خرجت تظاهرة مماثلة في المدينة نفسها، وأمام مقر قيادة قوات هادي والإصلاح في تعز، تندد بتعميم القتل والسحل والنهب والسلب ببزات عسكرية، تزعم أنها جيش حمى.

التظاهرة الاحتجاجية، التي تنتصر لمدنية تعز بوجه ملشنتها، شهدت أحياء لقيم إنسانية وأعراف قبلية فارقة، تعبر عن مدى الفاجعة بمجزرة أسرة الحرق، وقتل وجرح وأسر 12 مواطنا دفعة واحدة، رفضوا تسليم أرضهم لعصابة مارقة تنتمي لقادة جيش وامن الإصلاح.


شهد هذا الإحياء الشعبي، إحراق نسوة خُمرهن وجلابيبهن تنديدا بالجريمة، وهو فعل استثنائي بالغ الدلالة في العرف القبلي، يشحذ نخوة الرجال ومروءتهم في حدودها القصوى لدرء العار والشنار، والذود عن الشرف والأعراض، حينما تمس بانتهاك فاجر وسافر.

تظاهرات تعز المتواصلة منذ ارتكاب عصابة ماجد الأعرج، المحسوب على قيادة محور تعز، المجزرة الجديدة بحق أسرة الحرق، باغتت قادة جيش وأمن الإصلاح، بحقيقة أن تعز ما تزال فيها روح المدنية، رغم سنوات التوحش والإجرام وتعميم شريعة الغاب في المدنية.


اتفقت التظاهرات التي أيدتها الأحزاب والتنظيمات السياسية باستثناء حزب الإصلاح؛ في مطالب واحدة، لخصتها في إنهاء حكم العسكر وملشنة الدولة، وإقالة جميع القيادات العسكرية والأمنية في المدينة لتسترهم على العصابات المسلحة ودعمهم لإرهاب المواطنين.

بالتوازي، لم يجد أعضاء مجلس النواب عن الدوائر الانتخابية في محافظة تعز، بدا من الإقرار بكارثية مآل الأوضاع في تعز وجحيم "حكم المليشيا" للمحافظة بالحديد والنار، ورفعوا مذكرة لهادي، تسقط العتب وتحافظ على بقايا ماء الوجه، بإدانتها قادة جيش وامن الإصلاح.

من جانبها، عمدت قيادة جيش وأمن حزب الإصلاح في تعز، إلى محاولة تبرئة نفسها من الضلوع المباشر في جرائم عصابات ومليشيات تعز، عبر زيارة متأخرة لأسرة الحرق، وإصدار قرارات توقيف ضابطين وإحالتهم للتحقيق وتكليفات لآخرين بشغل مواقع أمنية.

إجراءات وصفها أهالي تعز الغاضبين بأنها مجرد "ذر للرماد على العيون"، في محاولة للتضليل والتمويه والتنصل عن هول مصاب تعز. مشددين على مطالبتهم بتعيين قيادات جديدة للجيش والأمن وفق معايير مهنية خالصة وسيادة النظام والقانون على الجميع بلا استثناء.