مبادرة الحوثي بشأن مارب.. جنوح للسلم من مركز قوة

YNP - إبراهيم القانص :
إلى جانب التفوق العسكري الذي تحرزه قوات صنعاء، متمثلاً في تقدمها الميداني الذي لا يزال ينتج متوالية من الانتصارات على قوات التحالف والشرعية في جبهات مارب، رغم إسنادها بغطاء جوي كثيف من طائرات التحالف التي تمطر المحافظة بعشرات الغارات، تُظهِر صنعاء حراكاً سياسياً يتسم بالمرونة والجنوح إلى السلم أكثر منه إلى الحرب واستمرار المواجهات،

ومن موقع القوة والانتصار حسب النتائج الميدانية لم تغلق صنعاء باب التحاور ولا تزال تبدي استعدادها للتجاوب مع كل ما يخدم الوصول إلى السلام، ولكن السلام الذي يمليه المنتصر من موقع قوته وتفوقه، وهو الأمر الذي يحسب لصنعاء- من وجهة نظر مراقبين- كونها تتعاطى إيجابياً مع مثل تلك التحركات رغم أنها منتصرة ميدانياً ولا تزال تتفوق عسكرياً على ترسانة التحالف الحربية التي تتهاوى أمام قوات لا تصل إلى مستوى ما تملكه من أسلحة حديثة ومتطورة.

موقف مشائخ ووجهاء مارب من مبادرة قائد أنصار الله، السيد عبدالملك الحوثي، والذي أعلنوه في مؤتمر صحافي عُقد في صنعاء اليوم الأحد، وجّه ضربة غير متوقعة للتحالف الذي راهن على شراء ولائهم له في مساندته ليستمر في حربه التي لا تخدم سوى مصالحه في اليمن، حيث لم يعد في صفه سوى القليل من مشائخ المحافظة الذين اختاروا لأنفسهم طريق التكسب غير المشروع، لجمع الأموال مما يبتزون به التحالف مقابل التغرير بأبناء القبائل والدفع بهم إلى معارك عبثية لا يجني ثمار استمرارها سوى التحالف الذي يستزف ثروات المحافظة النفطية ويملأ خزائن بنوكه من عائداتها الكبيرة، ورغم تصور أولئك الموالين للتحالف أنهم يبتزونه أموالاً طائلة إلا أنه يعوضها مما تنتجه محافظتهم من النفط والغاز، لكنهم يتجاهلون ذلك ليستمروا في ما يظنونه مكاسب شخصية قد تكون هي الأخرى غير مضمونة، إذ أن التحالف يهددهم بين فينة وأخرى بقصف منازلهم وملاحقتهم بعد كل إخفاق وفشل أمام قوات صنعاء.

في مؤتمرهم الصحافي بصنعاء، رحب مشائخ ووجهاء مارب بمبادرة السيد عبدالملك الحوثي، من خلال بيان قرأه الشيخ حسين حازب، أحد أبرز مشائخ ووجهاء قبيلة مراد بمحافظة مارب، وتضمن البيان إشارةً إلى أن المبادرة لقيت قبولاً كبيراً في أوساط أبناء المحافظة وحراكاً واسعاً للقبول بها وإنفاذها، وحسب البيان فإن المبادرة قدمت تنازلاً كبيراً من أجل اليمن، وفي الوقت نفسه وضعت أبناء مارب جميعاً أمام مسئولية كبيرة، كونها تعني إيقاف الاحتراب ونزيف الدماء، ولا بد أن يتحملوا المسئولية من جانبهم لتحقيق ذلك الهدف الأسمى من المبادرة.

الشيخ حسين حازب، قال في معرض رده على الصحافيين إن المبادرة أنصفت أهالي مارب، وأعطتهم من الحقوق ما لم يحصلوا عليه على مدى حكومات متعاقبة طيلة العقود الماضية، في إشارة إلى ما تضمنته المبادرة من شرط تخصيص نسبة من عائدات نفط المحافظة لأبنائها، وإشراكهم في إدارة مواردها.

سلطان العرادة، القيادي في حزب الإصلاح والمُعين من حكومة هادي محافظاً لمارب، كان قد اتهم مشائخ مراد بالخيانة، وابتزاز التحالف، لمجرد قبولهم بالمبادرة التي ستحقن الدماء وتضع حداً للتدخل الخارجي، الإقليمي والدولي، في شئون المحافظة وثرواتها، لكن مشائخ مراد ومارب بشكل عام حمّلوا، في بيانهم خلال المؤتمر الصحافي، كل من يقف في صف قوى التحالف ويرفض المبادرة مسئولية ما سيترتب على ذلك، في إشارة إلى أنهم سيقفون إلى جانب قوات صنعاء لإكمال ما أوشكت على الانتهاء منه.