إنجازات قوات صنعاء وانعكاساتها على الصراع الإماراتي السعودي

YNP _ حلمي الكمالي :

لم تدوم طويلا معركة الفصائل الإماراتية في الساحل الغربي، التي هلل لها أتباع التحالف، حتى خفت زخمها وبهت بريقها، وسرعان ما اتضح أنها كسابقاتها، مجرد انتصارات " وهمية " في منصات الواقع الافتراضي، بينما واقعها رديء وهزيل للغاية.

على الضفة الأخرى ، تدير صنعاء معارك الساحل الغربي بمنظور عسكري وسياسي مغاير تماما ، أكثر صمتا وأكثر تقدما، تقول عنه الصحافة الغربية النظامية، إنه إسلوب " رهيب وحكيم " في الوقت ذاته، في عالم الحرب والسياسية، وهي تشير إلى مدى تحكم صنعاء بزمام المعركة في أخطر نقاط " تماس" مع القوى الدولية، دون أن تحقق غاية دول التحالف في حشد العالم مجددا إلى معركتها الخاسرة.

في المقابل، يشهد المعسكر الإماراتي والسعودي، حالة من التشظي والتشتت جنوبا وغربا ، في ظل تصاعد الصراع بين أمراء الحرب في الرياض وأبو ظبي، فيما تعيش الأخيرة ضغوطات خاصة من قبل صنعاء ، وفقدان الإمارات لأية حلول حقيقية تساعدها للخروج من ورطتها مع التحالف السعودي وحربهما على اليمن، التي توشك على نهاية حولها السابع، دون تحقيق أي تقدم يذكر، غير أن قوى التحالف تحصد هزائمها وانكساراتها المتلاحقة، بشكل شبه يومي.

هذا الانكسار المتواصل لقوى التحالف والشرعية، لا يقتصر على الإمارات، بل يشمل كل أقطاب التحالف وشركائه وفرقاءه معا، والتي تتداعى أعراضها تدريجيا إلى سطح المشهد، ولعل هذا ما يفسر البيان المشترك لبن دغر وجباري، الذي أعلن فشل الخيار العسكري وأكد أن الحرب على اليمن " عبثية "، قبل أن يدعو التحالف لوقف سريع للحرب ، بعد اتهامهما التحالف وحكومة هادي بمضاعفة معاناة اليمنين، وحملاهما الوضع المأساوي الذي تعيشه مناطق سيطرة التحالف والشرعية.

بالعودة إلى التحركات الإماراتية، فإن خروج رجلها الأول على الساحة اليمنية، طارق صالح، وقائد فصائلها العسكرية في المخأ، إلى القاهرة، في أوج الأحداث الأخيرة التي شهدتها مناطق الساحل الغربي، يدل أن المشاريع الإماراتية في تلك المناطق لم تعد قائمه بالمعنى الصحيح، أي أن أبو ظبي بدأت بالتخلي عنها أو اضطرت لفعل ذلك لنفس الأسباب التي ذكرناها سابقا.

لذلك ، فإن الأنباء التي تتحدث عن عدم عودة صالح إلى المخأ، والترتيبات لنقله مع قواته إلى محافظة شبوة، تبدو صحيحة، وضمن مخطط إماراتي يهدف لتعويض خسارة معركة الساحل الإستراتيجية، بتمكين أدواتها من وراثة الشرعية على حساب فصائل السعودية، وسرعة إعلان " شرعية جديدة"، وهو ما فجر مرحلة جديدة من الصراع الإماراتي السعودي على الساحة اليمنية.

إذا ما تمعنا في المستجدات الطارئة على الساحة السياسية والعسكرية، بدءا بتحشيد الإمارات فصائلها لإقتحام عتق وضرب آخر تمثيل لأجنحة الشرعية، ولقاء صالح مع السفير الروسي، وسحب أبو ظبي لوفد الإنتقالي من الرياض، يقابله محاولات الرياض ضرب قوة صالح بدعم تعيين بديل عنه في لقيادة القوات المشتركة في الساحل الغربي، وتحريك السعودية الورقة القطرية في وجه الإمارات، من خلال زيارة نائب هادي، علي محسن، إلى قطر في هذا التوقيت بالذات؛ فإننا أمام مرحلة متطورة من الصراع بين الدولتين، والذي انعكس سريعا على الساحة اليمنية، بعد فتح أبو ظبي صفحة جديدة مع خصوم الرياض، وعلى رأسها دمشق وأنقره.

على أية حال، فإن مخاوف الإمارات على مصالحها من تداعيات الحرب الخاسرة في اليمن، والتي دفعتها لتهرول إلى أحضان خصومها في الأمس، ستدفع الرياض وواشنطن وكل عواصم القوى الدولية المشاركة في هذا التحالف، إلى إعلان استسلامها وتسليمها بسلطة صنعاء، فيما ستكون لحظة إغلاق صفحة هذا التحالف وفصائله، والتي باتت قريبة؛ من مهمة صنعاء، حسب ما تؤكده المؤشرات، وكما تصرح به قيادتها العسكرية والسياسية صراحة، والتي تعهدت أكثر من مرة ، أن بندقية صنعاء ستطلق صافرة نهاية الحرب وأن نهاية التحالف اقتربت.