مع تدشينها عملية بحرية .. كيف كسرت صنعاء آخر رهانات التحالف ؟!

YNP_ حلمي الكمالي :

لا يمكن أن تكون عملية ضبط السفينة العسكرية الإماراتية حدثا عابرا، بل تدشينا لمرحلة جديدة عابرة لخطوط التحالف الحمراء بألف ميل، تتجاوز قوات صنعاء من خلال تداعياتها المباشرة، مسرح المواجهة المحلية والإقليمية مع الوكلاء الثانويين، إلى ملعب الأمريكي الإسرائيلي المباشر.

إذ يعد قيام قوات صنعاء بضبط سفينة شحن عسكرية للتحالف من عرض البحر الأحمر ، واقتيادها إلى ميناء الصليف؛ بمثابة قنبلة نووية وضربة قاصمة في خاصرة المشاريع الأمريكية والصهيونية الرامية لتوسيع نفوذها في السواحل والجزر والمياه الإقليمية الدولية، بغرض السيطرة على طرق الملاحة الدولية، ما قد يترتب عليها من تأثيرات عميقة في غرف عمليات التحالف ورعاه الدوليين.

لعدة اعتبارات، تشكل العملية البحرية لقوات صنعاء، تقدما إستراتيجيا حقيقيا، يؤهلها لحسم المعركة كليا خلال عامها الثامن، ليس لضخامة الحدث وكسر صنعاء حالة التفوق البحري لقوى التحالف وحسب، بل أيضا لفضحها هشاشة أجهزة الإستخبارات العسكرية للتحالف، والتي عجزت عن فعل شيء لوقف العملية، بل أنها لم تعلم إلا من وسائل إعلام صنعاء وقد رست السفينة العسكرية في ميناء الصليف بسلام !.

بجانب ذلك، فإن عملية السيطرة على سفينة شحن عسكرية وجرها مع طاقمها بسلام دون قطرة دم واحدة ، والتي يبدو أنها العملية الوحيدة التي تمت بهذا الشكل في تاريخ الحروب الحديثة؛ تؤكد مدى تفوق القدرات العسكرية البحرية لقوات صنعاء، وهو ما يعكس تطورا ملحوظا في قدرتها على الرصد والمتابعة والتنفيذ بسرعة خارقة.

أهم ما يمكن ملاحظته، هو التكتيك العال الذي رافق العملية لقوات صنعاء، من خلال تجنب الصدام البحري مع ما يسعى له التحالف دائما تحت مزاعم " تهديدات " الملاحة الدولية، على العكس تماما ؛ فإن ما حدث يثبت أن صنعاء قادرة على حماية طرق الملاحة الدولية، وتأمين خط التجارة العالمية على قدم وساق.

بهذه العملية النوعية، تكون آخر رهانات التحالف السعودي الإماراتي المتمثلة بتشديد الحصار على اليمنيين، مهددة بالزوال تلقائيا، من قواميس الضغوطات، التي تمارسها قوى التحالف الكوني عليها، إذا ما اعتمدت صنعاء إستراتيجية كسر الحصار بالقوة، بتكرار عمليات بهذا الحجم ومن العيار الثقيل، قد تصيب وجود التحالف أو بقائه في مقتل.

التقدم الإستراتيجي في البحر، يأتي بالتوازي مع تقدم نوعي في البر، حيث تستمر قوات صنعاء في تحقيق إنجازات واسعة على الأرض بعد استكمال سيطرتها على محافظة الجوف الإستراتيجية ووصولها إلى تخوم مدينة مأرب، وتحويلها جبهات محافظة شبوة لمحرقة واسعة للفصائل الإماراتية، عقب كسرها زحوفات العمالقة.

اللافت في الأمر، أن عملية ضبط السفينة الإماراتية جاءت بعد أيام قليلة من إجراء البحرية الإسرائيلية، مناورة تدريبية بحرية واسعة في خليج العقبة والبحر الأحمر بمشاركة الولايات المتحدة والإمارات والبحرين؛ ما يفسر العملية كرسالة واضحة من صنعاء، للتأكيد على أن البحر الأحمر والمياة اليمنية خط أحمر أمام الأطماع الصهيونية والغربية.

على أية حال، يبدو أن العام الجديد سيكون عاما بحريا بإمتياز، تستكمل فيه قوات صنعاء قبضتها على كامل تفاصيل المواجهة، بعد عصفها موازين القوى رأسا على عقب، وفرضها إستراتيجية جديدة بقواعد اشتباك خاصة قد تمكنها من حسم المعركة لصالحها في أقرب وقت ممكن.