التطبيع يمتد إلى علم ونشيد السعودية

YNP - إبراهيم القانص :

التطبيع السعودي الإسرائيلي، لم يعد ينقصه سوى الإعلان الرسمي وتوقيع الاتفاقيات علناً، وليس كما يظن البعض أن بلاد الحرمين لا تزال بعيدة عن هذا العار، فالسعودية في الحقيقة سبقت كل الدول العربية التي وقعت اتفاقيات التطبيع مع الكيان الإسرائيلي المحتل بشكل رسمي،

بل كان للمملكة الفضل الكبير في الدفع بتلك الدول لإنجاز التطبيع من خلال جهودها ومساعيها المتواصلة لتحقيق وإنجاز ذلك الهدف الإسرائيلي الذي ظل الكيان الغاصب يخطط له منذ عقود طويلة من الزمن، ومن المؤكد أن سلطات المملكة كانت الموكلة بتسهيل تلك المهمة وإنجازها، موفرةً على الكيان الإسرائيلي جهوداً كبيرة ومختصرةً عليه مسافات طويلة، بل يبدو أنها تطوي أمامه الزمن لسرعة الإنجاز.

 

بعيداً عن التسريبات الإخبارية التي كشفت الكثير من حقائق التطبيع السعودي الفعلي غير المعلن مع إسرائيل، وتفانيها في تسهيل تحقيق الحلم الصهيوني بإعلان التطبيع مع عدد من الدول العربية، خصوصاً الخليجية، فالإعلام الإسرائيلي يُطلِع العالم أولاً فأول على ما يبذله حكام بلاد الحرمين من أجله، ويحرص على كشف كل ما تتكتم عليه السعودية من علاقاتها المتينة بالكيان، بل يتباهى بما استطاع أن يلصقه بالمملكة من العار الذي سيظل يلاحقها على مدى الأجيال المتعاقبة، حيث فرطت من أجل تنال منه الرضى في كل القيم الدينية والعروبية والأخلاقية وبإصرار عجيب كما لو كانت وصية ألزم بها المؤسس كل من سيأتي بعده من الحكام، ويظهر أن آخرهم حتى اللحظة ولي العهد محمد بن سلمان أكثرهم براً لجده في تنفيذ الوصية، فلم يتغنَّ مسئولو الكيان وإعلامه بأحد من حكام السعودية مثلما يتغنون الآن ويكيلون الإشادات بولي العهد، وكأنهم يقولون للعالم هذا هو من سيوصلنا إلى تحقيق حلمنا في السيطرة على الشرق الأوسط، وبدءاً من المملكة نفسها أصبح كل شيء كان محرماً على اليهود في بلاد الحرمين مباحاً ومتاحاً كيفما يشاءون وكما كانوا يتمنون فعلاً، سواء من حيث تغيير الهوية الدينية والعربية للمملكة أو من حيث السماح لهم بالتواجد بحرية في أي مكان داخل جغرافيتها الكبيرة بما فيها الأماكن الأكثر قداسة لدى المسلمين، مكة المكرمة والمدينة المنورة، خصوصاً بعد ما طمس حكام السعودية الأولون الكثير من المعالم المقدسة داخل المدينتين، وهي معروفة لدى غالبية المسلمين والعرب.

 

وعن طريق الإشادة الإسرائيلية بمناقب ووفاء ولي عهد السعودية، أبرزت وسائل إعلام تابعة للكيان كشفاً جديداً يفضح محمد بن سلمان، حيث أشارت قناة 12 التابعة لحكومة الاحتلال الإسرائيلي- وكالعادة من خلال إشادة كبيرة به- أن ولي عهد السعودية ماضٍ في تغيير هوية بلاده وعلى أعتاب إعلان التطبيع بين الرياض وتل أبيب، مؤكدة أن ولي العهد يستبدل هوية السعودية وأن ما وصفته بالتغيير المفاجئ والشامل لم يفعله أيُّ بلد على الإطلاق، حسب تعبيرها، أما ما لم يكن في حسبان بن سلمان أن يتسرب ويُكشف أمام العالم فهو كشف القناة الإسرائيلية أن عازم على تغيير علم السعودية ونشيدها الوطني، موضحةً أنه يمضي في عزل المملكة عن الشريعة الإسلامية، وعازمٌ على رفع علم جديد لا يدل على انتمائها للإسلام.

القناة العبرية عزفت على وتر عقدة الحضارة التي تعاني منها السعودية وغالبية دول الخليج، بكشفها عن أن ولي عهد المملكة يعمل على استبدال علم بلاده الذي يحمل شعاراً يدل على انتائها للإسلام بعَلَمٍ يبرز ما وصفته بـ"الحضارة القديمة في أرض المملكة"، مضيفة أن بن سلمان يكلف علماء الآثار في بلاده بالبحث عن آثار يهودية، وهي خطوة في اتجاه دمج اليهودية في الثقافة السعودية المحلية، مبشرةً بعهد جديد يرسمه محمد بن سلمان للمملكة يتمثل في قطع الارتباط بالدين والتمييز ضد المرأة وتحريم الكحول والكثير مما تفرضه الشريعة الإسلامية، حسب تعبير قناة 12 الإسرائيلية، ويرى محللون أن خطط ولي عهد السعودية المطابقة لخطط الكيان الإسرائيلي وأحلامه القديمة الجديدة ربما يكون المسمار الأخير في نعش جماعي سيحمل حكام المملكة إلى أسوأ مزابل التاريخ، كون المنطقة العربية لم تشهد على مدى تاريخها من فرط في الدين وقيم ومبادئ العروبة كما فعل حكام السعودية، خصوصاً أشدهم وأكثرهم وفاءً وإخلاصاً لإسرائيل، الأمير محمد بن سلمان، الذي يبدو أنه لن يذيل لقبه حين يعتلي عرش الحكم بـ"خادم الحرمين الشريفين" كما فعل أسلافه، فربما يكون قد اتخذ قراراً بإيحاء من تل أبيب بتحويل الحرمين الشريفين إلى متحف يوكل إدارته إلى مؤسسة يهودية، كنوع من العلاقات التجارية بين الكيانين السعودي والإسرائيلي.