بين الإنتقالي وطارق.. أي مستقبل ينتظر الفصائل الإماراتية المتناحرة ؟!

YNP _ حلمي الكمالي :

تتجه الإمارات منذ عدة أسابيع، لوضع ترتيبات جديدة داخل أروقة فصائلها العسكرية على الأرض، في محاولة لإعادة تدويرها بما يتناسب مع المستجدات السياسية والعسكرية التي تشهدها اليمن خلال الآونة الأخيرة، في ظل إستمرار قوات صنعاء بالتقدم في عموم الجبهات.

مساعي الإمارات الأخيرة، لإزاحة المجلس الإنتقالي من المشهد، في المحافظات الجنوبية، لصالح قوات طارق صالح، والتي يتسع نفوذها شيئا فشيئا في أبرز معاقل الإنتقالي، شبوة وحضرموت، وأخيرا المهرة، تعكس في منظورها الإستراتيجي الكثير من الأسباب التي تتطرأ على ملعب قوى التحالف خلال الآونة الأخيرة.

بمعنى أشمل، فإن محاولات قوى التحالف السعودي الإماراتي تقليص نفوذ قوات المجلس الإنتقالي، تأتي في إطار التحركات الدولية الرامية لإيجاد أطراف قوية على الأرض كبديلة عن " كومبارسات " التحالف القائمة، لتأمين مصالح القوى الغربية المشاركة والمساندة للتحالف في اليمن، مستقبلا.

بطبيعة الحال، فإن المجلس الإنتقالي الذي لم يخوض معركة حقيقية واحدة منذ تأسيسه منتصف العام 2017م ، كغيره من أدوات التحالف بأجنحتها السعودية والإماراتية وعلى رأسها قوات هادي والإصلاح؛ غير مؤهلة لتلبية وتمرير مصالح القوى الغربية، بعد ثمانية أعوام من الفشل العسكري الذريع، في مواجهة تقدم قوات صنعاء، التي توشك على الإطباق كليا على زمام المعركة المفتوحة أمام التحالف وأدواته شمالا وجنوبا.

طوال الثمانية أعوام الماضية من عمر حرب التحالف على اليمن، تمكنت قوات صنعاء من فرض نقاط حاكمة للمواجهة؛ أي أنها رسمت خريطة الهجوم والدفاع لمعركة واسعة هدفها السيطرة على كامل اليمن؛ بينما عجزت كل أدوات التحالف المختلفة والمتباينة، كالاصلاح والإنتقالي وقوات طارق وغيرها، من تسلق تبة واحدة في تلك النقاط خلال الأربع السنوات الماضية على الأقل.

في الحقيقة، أن قوى التحالف ومن خلفها المجتمع الدولي، عاجزة حتى اللحظة عن إيجاد أدوات أو كيانات جديدة، تحل محل الأدوات الشائخة، أي أن قوات طارق صالح ذاتها التي يدفع التحالف لإعادتها تموضعها من محافظة إلى أخرى؛ لم يتم عليها الإختيار بشكل نهائي لتكون بديلة بشكل رسمي عن فصائل "الشرعية"، غير أنها لاتزال رهن التجربة كبديل مؤقت عن هادي والإصلاح، والإنتقالي.

كل التحركات التي تشهدها محافظة المهرة، شرقي البلاد، من تعزيزات للقوات البريطانية الإسرائيلية، والتحولات الدراماتيكية في ملعب التحالف، بتعزيز ظهور القوى الغربية بشكل علني ومباشر في الأراضي اليمنية، يدل بأن الرهان على الأدوات المحلية في ظل إخفاقاتها المتواصلة لم يعد مجديا، لتحقيق مصالحها، في حين تذهب تلك القوى لمزيد من النهب والتهريب لثروات اليمن، قبيل أي مرحلة قادمة تضمن خروجها بشكل نهائي من البلاد.

على أية حال، فإن المعطيات الراهنة تشير إلى أن معظم المحافظات الجنوبية على صفيح ساخن لمواجهات مفتوحة مرتقبة بين فرقاء التحالف، بداية من صدام مباشر يلوح في الأفق بين الإنتقالي وعناصر محسن في المنطقة العسكرية الأولى بحضرموت، وآخر بين الطرفين في محافظة أبين، بعد استقدامهما تعزيزات كبيرة خلال الأيام الماضية، إلى جانب مواجهة مرتقبة بين الفصائل الإماراتية في محافظة شبوة، بعد إعلان طارق الحرب على بؤر الإنتقالي في المحافظة النفطية.

إلى ذلك ، لا توجد أي أفق واضحة لمستقبل قوى التحالف في اليمن وفصائلها السابقة والجديدة، غير أنها لاتزال تدور في حلقة ضيقة ومفرغة، لا جدوى من الدوران فيها، في ظل وجود قوى وطنية في صنعاء، تقود عنفوان المواجهة بأفق واسع ورؤية واضحة، وهو ما نشاهده جليا من خلال سيطرتها على تفاصيل المعركة، وثباتها سياسيا وعسكريا واقتصاديا، أمام موجة التحديات الكبيرة التي فرضتها قوى التحالف على إمتداد الخارطة الوطنية.