المشهد الأخير من فيلم "الفارّون من سيئون" يُنفذ في مارب.. ملمح أولي لمرحلة "العليمي"

YNP - إبراهيم القانص -
هروب قيادات وعناصر تابعين لتنظيم القاعدة من السجن المركزي في مدينة سيئون، الخميس الماضي، لم يكن عملية هروب بمعناها الحرفي، بل كان أشبه بمشهد تمثيلي مجتزأ من فيلم سينمائي، وغالباً ما يتكرر ذلك المشهد في الكثير من الأفلام، حيث يفتعل السجناء شجاراً فيما بينهم، وحين يتدخل حراس السجن لفض الشجار يحيط بهم السجناء ويسلبونهم أسلحتهم، ومن ثم يربطون أيديهم إلى خلف ظهورهم بعد أن يجردوهم من ملابسهم ليرتدوها تمويهاً على بقية الحراس ليتمكنوا من الفرار، وما حدث في سجن سيئون كان شبيهاً إلى حدٍ ما بتلك المشاهد التمثيلية، والفارق هنا فقط أن المشهد تم بالتنسيق مع الحراس الذين لا شك تلقوا أوامر عليا بتسهيل هروب السجناء العشرة التابعين لتنظيم القاعدة، والمشهد المختلق كان ضرورياً لتمرير المسألة أمام المشككين أو من قد يتجرأ ويعترض على ذلك، وهذا هو ما يشكل قناعة تامة لدى الكثير من المراقبين والمتابعين والناشطين الحقوقيين على مواقع التواصل.

ولم يلبث المشهد التمثيلي طويلاً، حتى اتضحت الصورة، وانكشف أن عملية الهروب كانت بالفعل تمثيلية مفضوحة، فقد وصل الفارون العشرة وهم قيادات وأفراد ينتمون لتنظيم القاعدة، إلى مدينة مارب، أمس الأحد، وسط احتفاء بقدومهم ومراسيم استقبال رسمية، وحسب مصادر محلية فقد تم استقبال الفارين في مقر المنطقة العسكرية الثالثة، التابعة للإصلاح، وبحضور عدد من قادة تنظيم القاعدة الميدانيين المشاركين في القتال إلى جانب التحالف في مارب، وكان ضمن المستقبلين شخصيات قبلية معروفة بعلاقاتها الوثيقة مع التنظيم الإرهابي.

وتكشَّف خلال مراسيم استقبال الفارين من سجن سيئون المركزي، والذين وصلوا إلى مارب، الغرض الحقيقي من تسهيل فرارهم، حيث رحب مستقبلوهم بانضمامهم إلى صفوف إخوانهم لقتال الحوثيين، الذين يصفونهم بـ"الروافض" حسب التعبئة المذهبية التي تكرسها السعودية من خلال التطرف الديني الذي تستخدمه لتمزيق المجتمع اليمني وتعميق الفُرقة والاختلاف بين أبنائه، وهي وسيلة مجدية لإضعاف أي مجتمع حتى يتم اختراقه بسهولة كبيرة.


ويرى مراقبون أن فرار قيادات وأفراد القاعدة الذين من سجن سيئون واستقبالهم في مارب، ومن بينهم سبعة من القيادات المصنفة عالمياً بالخطيرة، هو أشبه بعملية تدشين للمرحلة التي بدأتها السعودية بمجلس رئاسي بديل لهادي وطاقمه، والتي يبدو أن ورقة "القاعدة" لا تزال قيد التفعيل واستمرار الاستخدام كضرورة مهمة لهذه المرحلة، ويؤكد المراقبون أن مناطق سيطرة التحالف ستكون على موعد مع مرحلة دموية قد تكون أشد من سابقاتها، خصوصاً أن هناك ارتفاعاً ملحوظاً لتوافد قوات أجنبية- خصوصاً من القوات الأمريكية- إلى المناطق التي يسيطر عليها التحالف، حيث وصلت إلى عدن قوات خاصة أمريكية بحُجة حماية المجلس الرئاسي، وفي السياق نفسه رفت الإمارات رحلاتها إلى جزيرة عبدالكوري التابعة لأرخبيل سقطرى، من رحلة واحدة إلى أربع في الأسبوع، وتؤكد مصادر متطابقة أن تلك الرحلات مخصصة لنقل معدات حربية لإنشاء قواعد عسكرية واستخباراتية، يشرف عليها خبراء عسكريون أمريكيون وإسرائيليون وإماراتيون، في إطار الدور الموكل إلى أبوظبي لتسهيل السيطرة الأمريكية على المواقع اليمنية البحرية الأكثر أهمية.