النظام الإماراتي يصنّف "حرية التعبير" بـ"الجريمة الأشد خطراً"

YNP - إبراهيم القانص :
بينما تدعي الإمارات والسعودية منح مواطنيهما مساحات أكبر من الحرية، ضمن توجهاتهما للانفتاح على العالم تحت عناوين السلام والتعايش السلمي، تتكشف على أرض الواقع تباعاً أن تلك التوجهات ليست سوى شعارات للمزايدة وتزييف الحقائق وتجميل الصورة المشوهة للنظامين القمعيين

اللذين يعدان في الحقيقة أداتين تابعتين لقوى عالمية توجههما حسب ما تقتضيه خارطة مصالحهما في المنطقة العربية، ولم تكن الرؤى والخطط التحديثية التي ظن مواطنو الدولتين- خصوصاً السعودية- أنها من أجلهم سوى أفيون يأخذهم بعيداً عن الحقيقة التي سرعان ما تكشفت من خلال أن هوامش الحرية الممنوحة كانت مجرد خطوات في طريق سلب المجتمع قيمه وهويته المرتبطة بالدين والعروبة، ضمن مشروع تغريبي كبير تشرف عليه قوى عالمية وينفذه النظامان السعودي والإماراتي، يتجلى ذلك من خلال سجل حافل بالقمع، ترتفع وتيرته كلما ارتفع منسوب المزايدة بشعارات التطوير والانفتاح وهوامش الحريات المزعومة.

مؤخراً، كشفت مراكز حقوقية رصدية سلوكاً عدوانياً متصاعداً تمارسه السلطات الإماراتية ضد المناهضين لسياساتها ومعتقلي الرأي، باعتبار أن التعبير عن الرأي يُعدّ أشد الجرائم خطراً على الأمن العام، من وجهة نظر النظام الإماراتي، حسب تقرير لمركز مناصرة معتقلي الإمارات.

المركز أكد أن السلطات الإماراتية تستثني معتقلي الرأي من قرارات العفو الموسمية، التي تصدر في المناسبات الدينية والوطنية، معتبراً ذلك تفسيراً مناسباً لتصنيف السلطات التعبير عن الرأي على أنه الجريمة الأشد خطراً، حتى من القتل وجرائم العنف، رغم أن أيّاً من معتقلي الرأي لم يرتكب أي جريمة، مشيراً إلى أن السلطات الإماراتية تحظر على أهالي وأبناء معتقلي الرأي الزيارة والمكالمات الهاتفية منذ عام 2014م، حتى في المناسبات العيدية.

في السياق، ذكر مركز الإمارات للدراسات والإعلام "إيماسك" أن الاستقرار في الإمارات في طريقه إلى الانهيار، مرجعاً ذلك إلى ما أسماه الظلم والاستبداد بشكل عام، وملف معتقلي الرأي على وجه الخصوص، مشيراً إلى أن الاستقرار لا يتحقق سوى بالعدالة التي تحفظ الحقوق والحدود التي تنتج عنها هيبة الحق وليس بهيبة السطوة والقمع، حسب تعبيره، موضحاً أن السلطات حولت القضاء إلى وسيلة سخرية من المجتمع، والقوانين إلى أدوات للعبث بحياة الناس، الأمر الذي يؤدي عادةً إلى انهيار الدول، مؤكداً أن معتقلين إماراتيين يقبعون في سجون النظام منذ عشر سنوات بدون ذنب سوى أنهم مارسوا حقهم في التعبير عن آرائهم تحت سقف الحرية التي تدعيها السلطات، رغم أن أهاليهم كانوا يأملون الإفراج عنهم خلال شهر رمضان الكريم.

وفي السعودية، ذكرت منظمات حقوقية دولية أن صياغة القوانين تتم في مناخ قمعي لا يوحي بالثقة، مبدية تخوفها من تقنين السلطات ممارسات مسيئة تطورت على مدى عقود طويلة بغياب قانون عقوبات مكتوب، مؤكدةً أن على المملكة ضمان أن يتماشى قانون العقوبات بالكامل مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وأكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية لحقوق الإنسان أن من المهم تحديد الأحكام التي تُجرّم السلوك بوضوح، وينبغي ألا يُقنن قانون العقوبات الاتهامات التعسفية الحالية لتكون جرائم واسعة النطاق وشاملة تُجرّم الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع، من بين حقوق أخرى، مؤكدة أن السلطات السعودية تقمع المجتمع المدني والأصوات المعارضة، منتقدةً الانتهاكات المتفشية في نظام العدالة الجنائية السعودي، بما في ذلك فترات الاحتجاز الطويلة بدون تهمة أو محاكمة، والحرمان من المساعدة القانونية، واعتماد المحاكم على الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب كأساس وحيد للإدانة.