المخدرات وسياسة تدمير القيم .. اخطر أسلحة التحالف

YNP  /  إبراهيم القانص : 

تترافق مع الحروب العسكرية العصرية حروب اخرى ربما تكون أشد فتكاً من الصواريخ والقنابل، كونها تتركز على هدم وتدمير الجوانب القيمية والأخلاقية للمجتمعات والدول المستهدفة، وعندما تنتهي أي حرب عسكرية تبدأ عمليات إعادة إعمار ما دمرته الحرب في البنى التحتية والمنشآت الحيوية، وتظل عملية سهلة إذا ما قورنت بما ينتج عن الحرب الأخرى التي تمضي بالتوازي معها مستهدفةً المجتمعات البشرية في هوياتها وقيمها وأخلاقياتها ومبادئها التي تنظم حياتها وتشكل أهم ركائز استقرارها وتعايشها،وهي الحرب التي حرص التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن على إشعال فتيلها في مناطق سيطرته بالمحافظات اليمنية التي بسط نفوذه فيها من خلال أدواته المحلية ومؤسساته التي ترفع شعارات الأعمال الإنسانية والإغاثية، بينما مهمتها الأساسية تتمثل في هدم قيم المجتمع اليمني وعاداته المرتبطة بالدين والعروبة بكل ما تحمله من المبادئ الإنسانية النبيلة.

 

وبينما تتركز اهتمامات وسائل الإعلام والناشطين والمنظمات الحقوقية، على ما تخلفه الحرب العسكرية والاقتصادية من نتائج مؤلمة؛ لا تحظى الحرب الثقافية والأخلاقية التي يديرها التحالف في المناطق اليمنية الخاضعة لسيطرته بالاهتمام نفسه، وها هي مؤشراتها ونتائج الكارثية تظهر في تلك المناطق، خصوصاً في أوساط الشباب، باعتبارهم الفئة التي يُعول عليها النهوض بالبناء والتنمية، حيث يستخدم التحالف أساليب خطيرة للقضاء على تلك الفئة وتحويلها إلى أدوات لممارسة الجرائم بكل أشكالها، بما تخدم مصالحه وأطماعه التوسعية، من خلال إغراق تلك المجتمعات بالمخدرات ونشرها بين الشباب وتسهيل الحصول عليها، ليحيلهم بذلك إلى مجاميع مدمنة وعناصر غير فاعلة بل وأقرب إلى التحول للجريمة تحت تأثير الإدمان ومن أجل الحصول على المخدرات.

 

مظاهر أخرى يحرص التحالف على تكريسها وتشجيعها داخل المجتمعات اليمنية في مناطق سيطرته، تعكس في الأساس جوانب أصبحت متفشية في المجتمعات الخليجية التي تعرضت لعمليات تدمير قيمية مسخت هويتها العربية المسلمة، وقد ظهرت مؤخراً مؤشراتها في محافظة حضرموت خلال فعالية دينية تقام عادةً في العشر الأواخر من شهر رمضان، حيث ظهر عدد من الشباب يرتدون ملابس نسائية وقد لطخوا وجوههم بمساحيق تجميل نسائية أيضاً، في فعالية ختام رمضان المعروفة في حضرموت بـ "الختايم"، في حي الكودة بمدينة المكلا مركز المحافظة، الأمر الذي صدم الكثير من الأهالي وأثار سخطاً شعبياً كبيراً، إلا أنه انعكاس متوقع ونتيجة محتومة لتأثر مناطق سيطرة التحالف بالمجتمعات الخليجية التي تم إغراقها في الانحلال الأخلاقي ضمن عملية تغريب منظمة خصوصاً في الدول التي أعلنت التطبيع الشامل مع الكيان الإسرائيلي، ويرى مراقبون أنها الحرب الأكثر كارثية من الحرب العسكرية، والتي يمنحها التحالف اهتماماً كبيراً لإدراكه سوء عواقبها على المجتمع اليمني.

 

في حضرموت أيضاً، تنتشر المخدرات في أوساط الشباب بشكل غير مسبوق، إلى درجة إنتاج أنواع معينة منها في معامل تتزايد أعدادها بشكل مقلق، حيث كشفت مصادر محلية ارتفاع عدد معامل تحضير وإنتاج نوع من المخدرات الخطيرة، يطلق عليها "الشبو" في وادي حضرموت، مشيرةً إلى أن مدير مكافحة المخدرات السابق بوادي حضرموت، محمد غلاب، اكتشف معامل إنتاج المادة المخدرة التي تنتج على شكل بلورات ثلجية، وقبل أن يتخذ الإجراءات القانونية الرادعة تعرض لتهديدات وضغوطات من اشخاص محسوبين على التحالف، الأمر الذي اضطره إلى تقديم استقالته، وهو أيضاً ما يثبت إشراف التحالف المباشر على تلك النشاطات، خصوصاً أن المادة المخدرة لا يتوقف توزيعها والاتجار بها عند مستوى الداخل اليمني، بل يتم تهريب كميات منها إلى الدول المجاورة عبر مطار سيئون الذي يشرف عليه ويديره التحالف، حسب المصادر، وإلى جانب حضرموت تنتشر معامل إنتاج مخدر الشبو في عدن والمهرة، ويُعدّ الأكثر تأثيراً من الأصناف الأخرى للمخدرات والحشيش وهو أحد أسباب ارتكاب جرائم اغتصاب واختطاف الأطفال والفتيات في عدن ومناطق سيطرة التحالف.

 

وكانت رئيسة مركز عدن للتوعية بمخاطر المخدرات، كشفت في وقت سابق عن تزايد مروجي ومتعاطي المخدرات في مدينة عدن، الخاضعة لسيطرة التحالف، وأرجعت رئيسة المركز، الناشطة سعاد علوي، انتشار مادة الشبو الكريستالية المخدرة، بسبب ما وصفته بـ"الدور الحقير" للتحالف والشرعية.