سيناريوهات ما بعد الهدنة !

YNP /  إبراهيم القانص -

انتهت الهدنة الإنسانية التي رعتها الأمم المتحدة في اليمن في الساعة السادسة من مساء أمس الأحد، بدون أن يتم التوصل لاتفاق بشأن تمديد جديد وأطول مما سبق، وسط مراوغة واضحة ومحاولات التفاف على الشروط التي وضعتها سلطات صنعاء من أجل الموافقة على تمديد الهدنة، والتي كان أبرزها صرف رواتب موظفي الجهاز الإداري للدولة بدون استثناء ومعاشات المتقاعدين، وفتح المطارات والموانئ، وهي المطالب التي تحظى بتأييد شعبي واسع جداً كونها لا تخدم فئة بعينها، بل تصب في مصلحة اليمنيين كافة، وفق مراقبين، أكدوا أن الإجراءات التي تنوي صنعاء اتخاذها ستحظى أيضاً بتأييد شعبي والتفاف جماهيري كبير،

فيما تسير المكونات اليمنية الأخرى الموالية للتحالف باتجاه عرقلة كل ما يؤدي إلى تمديد الهدنة نزولاً عند رغبة دول التحالف وما يتناسب مع مصالحها، ويخدم مصالحهم الشخصية الضيقة جداً والأشبه بالسراب، حيث يحرص التحالف على بقاء من يخدمه فقط وكلما انتهت خدمات أحدهم أبعده عن المشهد بكثير من الأساليب والطرق التي يتم تفصيلها بما يتناسب مع قيمة كل واحد منهم، والتي لا تشكل في مجملها أهمية تذكر، إذ لا يتعدون كونهم أدوات تبيع وتشتري في سيادة أرضها وتقوض مصالح العامة من أبناء الشعب، حسب المراقبين.

 

وتتوالى الشواهد تباعاً مثبتةً أن دول التحالف مستعدة لإنفاق مليارات الدولارات على الحرب، وأدواتها المنفذة، فيما تتعالى على تمكين اليمنيين من ثرواتهم المهدورة والمنهوبة، سواء في ما يخص رواتبهم المنقطعة منذ 2016م، أو لبناء بلادهم وتنميتها، الأمر الذي أصبح أكثر جلاءً ولا مجال لتغطية بأي شعارات أو عناوين مضللة.

 

سلطات صنعاء حمّلت دول التحالف مسئولية فشل الهدنة، حيث ذكر عضو وفد صنعاء المفاوض، عبدالملك العجري، في تغريدة على تويتر، أن المفاوضات كانت بالأساس مع دول التحالف، وهي من تتحمل مسؤولية فشلها، مؤكداً أنها تتحكم بثروات اليمن النفطية وتعبث بها، وهي التي عملت على عرقلة صرف المرتبات، واحتجاز سفن المشتقات النفطية واقتيادها إلى موانئها، وإغلاق الأجواء اليمنية، مبدياً سخريته من المجلس الرئاسي حيث وصفه بأنه لا يملك من أمره شيئاً، بل إنه غير قادر على عقد اجتماع بين أعضائه إلا بحضور ولي أمرهم، حسب تعبيره.

 

في المقابل، وبعد فشل الهدنة، وجهت صنعاء تحذيراتها من جديد- وربما لآخر مرة- لكل الشركات النفطية العاملة في الأراضي السعودية والإماراتية، معطيةً إياها فرصة للمغادرة كونها في مرمى صواريخها وطائراتها المسيِّرة، بالإضافة إلى مطارات وموانئ الرياض وأبوظبي، وهو ما تؤكد الكثير من المعطيات والشواهد أن صنعاء مستعدة لتنفيذه وعلى قدر عالٍ من الجاهزية، وحسب ما يؤكده أيضاً مسئولو صنعاء، حيث توعد قيادي في جماعة أنصار الله الحوثية، بتأديب دول التحالف، وقال عضو المكتب السياسي لأنصار الله، حزام الأسد،: "ليس من غرور، ولكنها الضرورة التي تحتم علينا تأديب العدو وردعه"، مؤكداً أن اليمنيين ماضون في مواجهة التحالف وإرغامه على الرحيل والجنوح للسلام.

 

في السياق، أكد خبراء اقتصاديون أن القرار الذي أصدرته اللجنة الاقتصادية العليا التابعة لحكومة صنعاء، بشأن عبث الشركات النفطية الأجنبية بالنفط والغاز اليمني، نابع من القانون والدستور اليمني، وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة صنعاء الدكتور إبراهيم عبدالقدوس مفضل، في منشور على فيسبوك، إن اللجنة الاقتصادية استندت على الحقوق الدستورية والقوانين الدولية في مخاطباتها الرسمية النهائية للشركات بالتوقف بشكل عن نهب الثروات اليمنية السيادية ابتداءً من الدقائق الأولى لانتهاء الهدنة، مشيراً إلى أن هذا القرار تأخر كثيراً إلا أنه وصفه بـ"الرائع".

 

ومنذ الساعات الأولى لانتهاء الهدنة، دفع التحالف بعناصر تنظيم القاعدة المتشدد إلى استئناف مهاجمة مواقع قوات صنعاء جنوب غربي مدينة مارب، بعد هدوء نسبي طيلة سريان الهدنة.

 

وذكرت مواقع إخبارية نقلاً عن مصادر محلية، أن المواجهات بين عناصر القاعدة التابعة للتحالف وقوات صنعاء تجددت في منطقة العكد وسلسلة جبال البلق الشرقي، مؤكدةً أن مدفعية قوات التحالف قصفت مواقع قوات صنعاء على امتداد خط تماس جبهات جنوب غربي المدينة، في البلق الشرقي والأوسط والعكد وروضة جهم بمديرية صرواح.

 

 

 

حتى اللحظة، يمر الوقت ثقيلاً على دول التحالف، وتتسارع دقات قلوبهم ترقباً لما توعدتهم به قوات صنعاء، من الرد الحاسم على إفشالهم الهدنة ورغبتهم في استمرار الحرب واستمرار العبث بثروات اليمنيين وأرواحهم، ويأتي هذا الترقب المغلف بالخوف والرهبة كنتيجة طبيعية لما ألفه التحالف من وفاء صنعاء بوعودها وتحويلها إلى واقع، يدرك التحالف جيداً أنه في السنة الثامنة من الحرب لا يشبه أبداً أيامها الأولى، ويؤكد المراقبون أن قوى التحالف ستقحم نفسها في مصير لا طاقة لها بمواجهته، خصوصاً أن اقتصاداتها القائمة على النفط والاستثمار الأجنبي، مرهونة بعامل الأمن، وهو الأمر الذي لم يعد بمقدورهم الحفاظ عليه، بعد ما وضعته حماقاتهم في مرمى نيران قوات صنعاء.