التحالف يؤجج الصراع بين قبائل المهرة تمهيداً لمرحلة شديدة القتامة

YNP - : إبراهيم القانص
يحرص تحالف الحرب على اليمن، الذي تقوده السعودية والإمارات، على إشعال كل المناطق الواقعة تحت سيطرته بالنزاعات والتوترات والفوضى الأمنية، ويكاد لا تقر له عين ولا يهدأ له بال إذا ما حاولت منطقة الحفاظ على سلمها الاجتماعي واستقرارها الأمني، إذ يعتبر ذلك عائقاً أمام مصالحه التي يتطلب تحقيقها تمزيق المجتمعات وانهيار أوضاعها المعيشية والأمنية.

كانت المهرة من أكثر المحافظات اليمنية استقراراً ونأياً عن الحروب والنزاعات، من قبل ومن بعد الحرب التي بدأها التحالف عام 2015م، إذ أنها كانت بعيدة عن خطوط المواجهات ودوائر الصراع، ولم يكن في المهرة ولم يصل إليها أي فرد من قوات صنعاء- التي برر التحالف تدخله العسكري في اليمن من أجل القضاء عليها- ما يعني أنه ينتفي أي سبب أو مبرر لتواجد التحالف هناك، إلا أنه انتهك استقرار المحافظة وسلمها الاجتماعي، وبحُجة مطاردة العناصر الإرهابية التي جلبها هو إلى المهرة، زحفت عليها قواته واتخذت من مطار الغيضة مقراً لها، وحاصرت تحركات المواطنين، خصوصاً الصيادين الذين أُغلقت أمامهم السواحل والشطآن بعد عسكرتها وتحويلها إلى مناطق محرمة ومحظور عليهم ارتيادها للبحث عن أرزاقهم من صيد الأسماك حسب العادة.

لم تجد قوات التحالف- التي لم تقتصر على السعودية والإماراتية بل تم جلب قوات أمريكية وبريطانية- حاضنةً شعبيةً في المهرة، فالسخط والرفض في تنامٍ مستمر للوجود الأجنبي، الأمر الذي لم يرق لقيادة التحالف، ومن أجل ذلك أقدمت على استخدام أقذر أساليبها وأقبح وجوهها، وعلى ما يبدو أنها نجحت في وضع بذرة الخلاف بين أبناء المهرة لزعزعة لُحمتهم الاجتماعية وتفتيت وحدتهم وتمزيق نسيجهم الذي ظل متماسكاً على مدى السنوات الماضية من عمر الحرب.

خلال الأيام القليلة الماضية، بدأت مواجهات مسلحة بين قبيلتي زعبنوت ورعفيت، غرب مدينة الغيضة، على خلفية قطعة أرض حولتها أدوات التحالف- وفي مُقَدَّمِها المجلس الرئاسي- إلى نقطة انطلاق لإثارة وتأجيج النزاع بين القبيلتين اللتين كانتا تعيشان في تآلف دائم.

محافظ المهرة التابع للحكومة الموالية للتحالف، محمد علي ياسر، أخفق في التوصل إلى اتفاق بين القبيلتين، وربما يكون قد تلقى توجيهات من التحالف بأنه لا يجب أن يضع حداً للنزاع، كون المحافظ في خدمة التحالف الذي ليس من مصلحته أن تظل المحافظة مستقرة،

ويرى مراقبون أن ترسيخ الاستقرار في المهرة لا يخدم التحالف على الإطلاق، وتبعاً لهذه الحقيقة فإن من مصلحته ضرب القبائل ببعضها بعضاً، كمنهج مدروس جيداً وسيكون من نتائجه إدخال المزيد من قوات التحالف إلى المهرة، وإسكات الأصوات المنادية بخروج القوات الأجنبية من المحافظة التي لا تزال محط أطماع سعودية تحاول منذ عقود مذ أنبوب نفطي من المملكة عبر أراضي المهرة إلى البحر العربي لتأمين تصدير نفطها في حال أغلقت إيران مضيق هرمز، وكانت السعودية والإمارات قد تمكنتا من استقطاب بعض مشائخ القبائل المهرية من بينهم الشيخ عبدالله بن عيسى آل عفرار، ليكون ضمن الأدوات الموكل إليها تنفيذ الأهداف والخطط التي تخدم مشروعاً أمريكياً بريطانياً بدأ بالسيطرة على الموانئ والمطارات اليمنية في مناطق سيطرة التحالف وحكومة الشرعية، خصوصاً في المحافظات الغنية بثرواتها النفطية.