الرياض وأبوظبي.. من محاولة السيطرة على المنطقة إلى حلم الخروج من ورطة اليمن

YNP / إبراهيم القانص -
لطالما اعتبرت السعودية والإمارات اليمن تهديداً وجودياً لهما في المنطقة العربية، لاعتبارات وأسباب عدة، منها العمق الحضاري والتاريخي الذي يشكل كابوساً مزعجاً لهما وعقدة ظلت على مدى عقود من الزمن تزداد تعقيداً، باعتبارهما كيانين طارئين على التاريخ والجغرافيا، ولم تستطع الدولتان الخليجيتان التخلص من هذا الكابوس وتلك العقدة رغم تخمة الثراء الناتجة عن الطفرة النفطية لديهما، والتي نتج عنها نفوذ كبير لهما في المنطقة وتحالفات إقليمية ودولية، استطاعتا من خلالها التدخل المباشر وغير المباشر وفرض الوصاية على كثير من الأنظمة العربية، من بينها اليمن التي ظلت فترةً طويلة خاضعة لتلك الوصاية، وحين قررت التخلص منها فُرضت عليها حرب بقيادة الدولتين الخليجيتين، لا تزال قائمة حتى اللحظة، وها هي تدخل عامها الثامن.

الحرب التي تقودها السعودية والإمارات على اليمن، تتعدد أسبابها من وجهة نظر محللين سياسيين ودبلوماسيين، منهم السفير الفرنسي السابق لدى اليمن، جيل غوتييه، الذي ذكر في مقابلة أجرتها معه قناة "فرانس 24" أن إضعاف اليمن وتدميره كان أحد أهم أهداف الحرب عليه، مشيراً إلى أسباب عدة منها نظام الحكم الجمهوري، بينما تحكم غالبية دول الخليج أنظمة ديكتاتورية ملكية أو مشيخية، بالإضافة إلى أن الكثافة السكانية في تُعد من وجهة نظر خليجية تهديداً وجودياً لتلك الدول التي تتفوق أعداد المقيمين فيها على أعداد السكان الأصليين، ورغم أن تلك المخاوف كان بالإمكان مواجهتها بالاستفادة من هذه الكثافة السكانية بطرق عدة إلا أن الدولتان الخليجيتان قررتا الحرب على اليمن، بمزاعم محاربة الوجود الإيراني، الأمر الذي سخر منه السفير الفرنسي السابق، مؤكداً أنها مجرد دعاية وأن وزير داخلية الشرعية اعترف له بأنهم يدّعون ذلك بدون أي دليل.

حاولت السعودية والإمارات استعراض عضلات القوة والنفوذ في حربهما على اليمن، وكانت حظوظهما تعيسة وبائسة، فما كانتا تأملانه من الانتصار تبدد أمام صلابة اليمنيين، ومشروعية وأحقية ما يدافعون عنه ويقاتلون من أجله، حتى أصبحت الدولتان في موقع الدفاع والاستجداء لدفع الخطر الذي رأتاه ماثلاً في ما يمكن لليمنيين فعله، خصوصاً بعد امتلاك سلطات صنعاء قدرات وإمكانات أثبتت كفاءتها واستعدادها لحماية حدود اليمن وثرواته ومياهه الإقليمية، وفي المحصلة أصبحت الدولتان الخليجيتان على يقين بأنهما متورطتان في الحرب على اليمن.

ويرى مراقبون أن الرياض وأبوظبي أقل بكثير من أن تكون إحداهما مؤهلةً لقيادة المنطقة، حسب ما كانت توحي به تحركاتهما ونفوذهما والتحالفات العالمية التي اعتبرتاها جداراً يصد عنهما الأخطار، ولم توهمهما تلك القوى بإمكانية ذلك إلا من أجل الحصول على أموالهما، لكنها وضعتهما في مكانهما الطبيعي كأداتين تنفذان مشروعاً خارجياً هدفه السيطرة على المنطقة العربية وإحكام السيطرة عليها، وتحديداً الكيان الإسرائيلي، حيث تكشفت التحركات الإماراتية السعودية عن جهود مكثفة لا تزال تُبذل حتى الآن من أجل تمكين الكيان الغاصب من السيطرة على الجزر والسواحل اليمنية الأكثر أهمية، باتجاه إنجاز المشروع الصهيوني الذي لم يعد سرياً أو متكتماً عليه.

وكانت مصادر مطلعة كشفت عن عقد مجلس القيادة الرئاسي، الموالي للتحالف، لقاءات مع مسؤولين إسرائيليين في عدد العواصم، مؤكدةً أن رئيس وأعضاء المجلس عقدوا اجتماعات مع ضباط إسرائيليين في الإمارات وشرم الشيخ وجنيف، نوقشت خلالها طرق وأساليب فتح المجال أمام الوجود الإسرائيلي في السواحل والجزر اليمنية، تحت عناوين الاستثمارات السياحية والنفطية، موضحةً أن سلطات الكيان تدفع بشركات نفطية ومستثمرين يهود يحملون جنسيات أمريكية وأوروبية لإقامة مناطق حرة وفنادق في حضرموت وشبوة ومنطقة الساحل الغربي، لافتةً إلى أن كل ذلك يتم ترتيبه وتنسيقه إماراتياً.