بعد خدماته المخلصة للإمارات.. الانتقالي الجنوبي يستعد للمغادرة بأوامر سعودية

YNP / إبراهيم القانص -
تحتاج بعض المكونات السياسية حديثة النشأة أو الطارئة التي لديها قصور في فهم بعض المجريات أو التقلبات، في أي بلدٍ كان، إلى بعض الوقت لتدرك ما يراد لها أو يحاك ضدها أو إذا ما كانت تُستخدم من جهات خارجية قدمت نفسها كداعمة،

خصوصاً إن كانت في بلدٍ مضطرب سياسياً أو يمر بحالة حرب، وقد تدرك مبكراً قيادة تلك المكونات أنها انحرفت عن مسارها أو تم توجيهها ضد بلادها ولخدمة مصالح دول أو جهات خارجية، وقد تتدارك نفسها وتصحح مواقفها، إلا المجلس الانتقالي الجنوبي، الطارئ الإماراتي الذي لم يكتشف لماذا تم تكوينه وما الغاية من وجوده، ورغم أنه أتيح له الكثير من الوقت ليدرك أنه مطية يتم استخدامها للوصول إلى مصالح وغايات لا تخدم سوى جهات خارجية وقوى لا تكاد تراه شيئاً يُذكر، إلا أن كل شيء قد فاته ولم يدرك- ربما حتى اللحظة- أنه أكثر من ساهم في تدمير البلاد وسلبها الاستقرار والسكينة، بخدماته الجليلة التي قدمها للإمارات في المحافظات الجنوبية والشرقية، ولم يكن أسهل من سيطرة أبوظبي على الموانئ والجزر اليمنية، بفضل إخلاص قوات الانتقالي في تمكينها من كل شيء بل والسهر على حراسة كل مصالحها، والتنكيل بكل من يقف في طريقها، ولم يستفد من الفضيحة التي لبسها في البداية حين رفع شعار الدولة الجنوبية وظل يهذي حتى صدقه بعض من كانوا يطمحون إلى ذلك، وكانت مرحلة حققت فيها الإمارات شوطاً كبيراً من أهدافها في الجنوب.

في غمضة عين انتهى مشروع الدولة الجنوبية وعاد الانتقالي إلى أقل من حجمه- إذا افترضنا أن له حجماً منذ ظهوره- ومع ذلك لم يدرك الغاية من تأسيسه ودعمه، ثم استمر بعدها لكن أكثر انتقاماً من أبناء المحافظات الجنوبية الذين تعرضوا، ولا يزالون، لأشد أنواع التنكيل والقمع على يد قواته، وحتى الآن وهو في دائرة من المهانة، والأمواج المتلاطمة التي تتقاذفه حسب ما تتحرك رياح التحالف، لم يدرك ما هو فيه من البؤس أو ربما لم تجرؤ قياداته على اتخاذ مسار يخلصها ويخلصه من كل هذا الذل، بل لا تزال تستجدي عبر فضائيتها ووسائل إعلامها، رواتب لمقاتليها، مع مقدمات مهينة من مدائح الشكر للتحالف وتجديد الوعود بأنهم سيظلون يقاتلون تحت رايته وتوجيهاته.

كل ذلك لم يُجدِ شيئاً، فالإمارات استغنت عن خدمات المجلس الانتقالي، برئيسه وكل قياداته، والسعودية تولت أمره وفق خارطة تقاسم المصالح مع حليفتها، وها هي الرياض تصف قوات المجلس بالعصابة المنفلتة، وتدعو إلى ضرورة إنهاء سيطرتها على عدن، حيث اعتبر المحلل السياسي السعودي، علي العريشي، في تغريدة على تويتر، مداهمة قوات الانتقالي منزل الناشط السياسي الجنوبي عبدالفتاح جماجم، واختطاف شقيقه وترويع النساء والأطفال وتهديدهم بالسلاح، ممارسات لا تصدر إلا من ميليشيات زصفها بـ"المنفلتة والعصابات غير المسئولة"، حسب تعبيره.

وضمن المراسيم النهائية لمسيرة المجلس الانتقالي الحافلة بخدمة التحالف، أوفدت الإمارات رجلها الأول في مارب، صغير بن عزيز، إلى مدينة عدن، للتعاون مع قيادة القوات السعودية لتقويض صلاحيات قوات الانتقالي في عدد من مناطق المدينة، وحسب مصادر جنوبية تجري القوات السعودية ترتيبات لإدخال فصائل جديدة من حزب الإصلاح وقوات طارق صالح الموالية للإمارات، إلى عدن، ضمن ما أطلق عليها "قوات درع الوطن"، موضحةً أن لجنة عسكرية سعودية تعمل حالياً على دمج قوات الحزام الأمني التابعة للانتقالي، مع لواءين تابعين لطارق صالح، إضافةً إلى لواء النقل الذي يقوده أمجد خالد، التابع للإصلاح، ووفق المصادر تتضمن الخطة السعودية نقل بعض قوات الانتقالي إلى خارج عدن، وإحلال قوات طارق عفاش بدلاً عنها في منطقة البريقة، وفي الوقت نفسه سيتم توزيع قوات الإصلاح بقيادة أمجد خالد في منطقة دار سعد، أما درع الوطن التابعة للسعودية فقد سيطرت على منطقة الشعب أكبر مديريات المدينة.

المصادر أكدت أن السعودية ترتب لتأسيس مكون جنوبي جديد يكمل مهمة الانتقالي، ومن ضمن خطوات التمهيد للكيان الجديد خيّرت المجلس الانتقالي الجنوبي بين دمج قواته وتذويبها في ما يسمى قوات الشرعية أو تصنيفها كفصائل إرهابية، بعد أن يتم حل المجلس، مؤكدةً أن رئيسه عيدروس الزبيدي، ومقابل السماح له بالعودة على عدن قبل بالخيار الأول، منهياً بذلك مسيرة الأوهام التي ظل يُمنّي بها البسطاء الذين انبهروا به وبمشروعه الذي لم يكن سوى حيلة رخيصة لتمديد قاعدته الجماهيرية، وفق ما رسمت له دول التحالف، كواحدة من وسائل وطرق تسهيل أهدافها وتحقيق مصالحها.