تفاصيل الإطاحة بالرئاسي وبقية فصائل التحالف

YNP _ حلمي الكمالي :

في ظل المستجدات الطارئة والمعطيات السياسية والعسكرية القائمة في المشهد اليمني، يمكن التأكيد أن حرب التحالف على اليمن، باتت في مراحلها الأخيرة، بغض النظر عن السيناريو المطروح والمتوقع سواء عبر طاولة المفاوضات أم عبر ميدان المواجهة المباشرة؛ لكن التساؤلات اليوم هي حول مستقبل وكلاء التحالف السعودي الإماراتي في اليمن من أدوات وفصائل ومكونات محلية وعلى رأسها المجلس الرئاسي وحكومة معين وعموم فصائلهما المسلحة !.

من خلال ملاحظة المعطيات المنظورة في ملعب قوى التحالف السعودي الإماراتي، بدءاً من تصاعد الحروب والصراعات الفتاكة بين فصائلها، إلى التغييرات المستمرة والعجيبة في المشاريع والأجندات، و"التحالفات" الداخلية الهشة والمهترئة داخل أروقة التحالف، في ظل خيارات معدومة وخطوات عقيمة دون أفق سياسي أو عسكري واضح؛ يمكن الجزم أنه لا مستقبل لفصائل التحالف في المشهد اليمني فلا يمكن لهذه العشوائية أن تتواجد أو تستمر ، وهذا واضح ليس فقط من خلال إجراء السعودية مفاوضات شاملة مع صنعاء، بمعزل عن أدواتها المحلية، بل أيضاً من السقوط المودي للمجلس الرئاسي، آخر رهانات التحالف، الذي تشظى قبل أن يبلغ عامه الأول.

لا يبدو المشهد قاتماً بالنسبة للمجلس الرئاسي، الذي تم إنشائه بغرض لملمة الفشل السعودي الإماراتي؛ ليعمق الصراعات بين فصائله ويوسع دائرة الفشل الذريع، ليبقى شاهداً جديداً لواقع التحالف المتهالك على كافة الأصعدة. إذاً فنحن أمام مجلس متشظي بدون قرار وبلا أرض، يجسد ملامح عجزه شتات أعضاءه بين مدن الصحراء وعواصم التحالف، وغياب رئيسه رشاد العليمي، الذي فضل البقاء في المنفى على أن يعود إلى عدن، بعد تهديد بإستهدافه من مجند صغير بلا رتبة، ليسجل واحدة من أكبر أضحوكات السياسة في العصر الحديث، لا شيء يشبهها على الإطلاق سوى سخافة شرعية "هادي"، التي غاصت في النوم لسبعة أعوام داخل غرفة صغيرة في فندق بالرياض وزعمت أنها "شرعية لليمنيين" !

إلى ذلك، فإن احتدام الصراع السعودي الإماراتي في المحافظات الجنوبية اليمنية، والذي يعبر عن  خلافات حقيقية قائمة بين قطبي التحالف، تتجاوز الجغرافيا اليمنية إلى صراعات النفوذ والظهور لتحقيق المصالح الأمريكية الغربية في المنطقة؛ سيضع حداً لمستقبل فصائلهما في اليمن، كأبسط نتيجة متوقعة لهذا الصراع، الذي يأتي في الحقيقة نتاج لفشل التحالف وهشاشة الفصائل، والذي يصطدم أيضاً بوجود قوة إستراتيجية كبيرة في صنعاء تسعى لإنهاء الوجود الإماراتي السعودي والأجنبي برمته من كافة أرجاء البلاد.

من الواضح جداً، أن الرئاسي وكل فصائل التحالف لم تعد تمتلك أي قوة عسكرية حقيقية وهذا واضح من انحسار حضورها على الأرض، وسقوط رهانات قوى التحالف عليها الواحدة تلو الأخرى، رغم كل الدعم العسكري والغطاء الدولي المقدم لها طوال الثمانية الأعوام الماضية، ناهيك عن افتقادها لأي قاعدة شعبية، إذ أننا لم نعد نرى أحداً في مناطق سيطرة التحالف وفصائله، يعبر عن دعمه لسياستهما، ولم نعد نشاهد سوى الاحتجاجات الغاضبة والمتواصلة في ظل سخط شعبي كبير ضد الرئاسي وحكومة معين، والإمارات والسعودية.

في المقابل، تمتلك صنعاء قوة عسكرية هائلة بعتاد حربي هائل وجيش جرار يمكنه مقارعة القوى والأدوات في الداخل والخارج في آن واحد، وهو ما أثبتته التجارب السابقة والعروض العسكرية المهيبة الأخيرة، إلى جانب تنامي قاعدتها الشعبية، وهو ما يمكن ملاحظته من خلال الفعاليات الجماهيرية المستمرة والحاشدة في كافة المحافظات، والتي لم تتوقف يوماً واحداً منذ بداية الحرب على اليمن، والداعمة لخيارات صنعاء السياسية والعسكرية، الأمر الذي مهد لصنعاء أرضية قوية ومتماسكة، لفرض مطالبها وشروطها وضمان تحقيقها في السلم والحرب.

كل تلك المفارقات، تثبت معطيات المعادلة اليمنية التي حققتها صنعاء طوال السنوات الماضية، كنتيجة طبيعية لقواعد المنتصر، الذي يفرض الشروط ويحدد شكل خارطة المستقبل. بالتالي فإنه من الطبيعي جداً أن نرى فصائل التحالف خارج حسابات المرحلة الجديدة بحكم فشلها وحصادها المر خلال المعركة بأعوامها الثمانية. وهذا ما يعكس الحراك الأممي الأخير، والحديث عن تحركات دولية للإطاحة بالمجلس الرئاسي، والإعلان عن مؤتمر يمني يمني لتشكيل حكومة موحدة، لا تشمل أدوات التحالف.

على أية حال، فإن مرحلة التحالف أوشكت على الإنقضاء، وأن لا أفق يمهد لبقاء فصائله على المشهد اليمني مستقبلاً مهما كانت الحجج، وذلك لاعتبارات الواقع، وكنتيجة حتمية ومتوقعة لتحالف مثقل بالهزيمة والخيبات.. إذ أنه لا يمكن لهذه العشوائية والغوغائية المسماة الرئاسي والإنتقالي ومختلف الأسماء والمكونات المفرغة من المضمون والقوة التي تتزاحم قياداتها لاستلام المكرمات والمساعدات الشهرية في بلاط الملك؛ أن تنافس القوة الراسخة في صنعاء، التي تمكنت من صد تحالف كوني وألحقت بكبرى القوى الدولية الإستعمارية شر الهزائم.