هل أصبحت أمريكا عاجزة عن حشد التحالفات لصالح أهدافها الاستعمارية ؟

YNP / عبدالله محيي الدين -

انكشاف غير مسبوق لوجه أمريكا الحقيقي، البعيد كل البعد عن دعوات السلام، ومكافحة الإرهاب، وغيرها من الدعوات التي ظلت تتشدق بها لسنين طويلة، ذلك هو ما عكسه موقفها من حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على سكان قطاع غزة والمجازر الجماعية التي تنفذها آلية الحرب الإسرائيلية الهمجية، وهو ما بدا من خلال فشلها في حشد القرار الدولي لصالح أجندتها كما اعتادت أن تفعل في حروب سابقة شنتها تحت دعاوى تظليلية، بدت مع الأيام مجرد عناوين زائفة تخفي وراءها أجنداتها الاستعمارية.

ومع كل جلسة من الجلسات التي عقدها مجلس الأمن لمناقشة الحرب الإسرائيلية على غزة،  انكشفت السياسة الأمريكية بصورة أكثر جلاء، وتزايدت العزلة الدولية من حولها، وهو ما بدا نتاجا طبيعيا لوقوفها إلى جانب إسرائيل، وتبرير جرائم الحرب التي ترتكبها بشكل يومي في حق سكان قطاع غزة، وحديثها عن حق إسرائيل المعتدية في ما تسميه الدفاع عن النفس، واستخدامها لحق النقض "الفيتو" لإفشال أكثر من ثلاثة قرارات لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، رغم شبه الإجماع من قبل أعضاء مجلس الأمن الدولي على هذه القرارات.

وفي سبيل تنفيذ اهدافها ومخططاتها الاستعمارية، تعمد الولايات المتحدة إلى تشكيل تحالفات دولية كغطاء لأهدافها وتدخلاتها وحروبها الاستعمارية في عدد من البلدان في أنحاء العالم، وهو ما شهده العالم في أفغانستان وفي العراق وفي غيرها من البلدان، حيث تسوق قطيع الدول الغربية إلى هذه الحروب التي تخدم أجندتها الاستعمارية، لتشارك تلك الدول في تحمل فاتورة الحرب التي تخدم أجدتها

 في بيان أصدرته أمريكا وحلفائها الأسبوع الماضي، قالت إن وقف التهديد الذي تشكله الهجمات في البحر الأحمر يحتاج إلى عمل جماعي، وهو ما يؤكد فشل مساعيها في حشد تحالف فاعل تشن به حربها على اليمن، خاصة وأنها لم تتمكن من إقناع حلفائها السابقين بالانضمام إليها في العدوان الذي تخطط له في اليمن، خاصة بعد انكشاف الوجه الحقيقي لها أمام العالم، من خلالها دعمها للمجازر  التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة.

ومع تكثيف الإدارة الامريكية لتحركاتها لتشكيل تحالف دولي في البحر الأحمر إلا أنها فشلت في ذلك، ومنذ إعلانها عن التحالف الذي شكلته في ١٨ ديسمبر الماضي من عشر دول، ليس من بينها أي دولة من دول المنطقة أو الدول المطلة على البحر الأحمر، وهي المعنية بشكل رئيس عن تأمين حركة الملاحة فيه، ولكن هذا التحالف تفكك بعد ساعات من إعلان وزير الخارجية الأمريكي عنه، وانسحبت منه دول فيما أعلنت أخرى أنها لن تشارك تحت قيادة الولايات المتحدة، ليمثل إعلان هذا التحالف الذي أطلق عليه "حارس الازدهار" فضيحة لأمريكا التي كانت تشكل تحالفات من عشرات الدول، بمجرد أن تعلن عن عمل عسكري لها ضد هذه الدولة أو تلك، الأمر الذي يشير إلى تراجع النفوذ العالمي الذي تمتعت به الولايات المتحدة على مدى عقود، أو ما أطلق عليه هيمنة القطب الواحد.

وكانت صحيفة غلوبس الإسرائيلية، قد ذكرت في تقرير لها الأسبوع الماضي، أن "تردد الدول الأوروبية من في الانضمام إلى التحالف الأمريكي في البحر الأحمر أو ما يسمى بـ"حارس الازدهار"، نابع من مخاوف تلك الدول الغربية من خوض مغامرة عسكرية جديدة، إلى جانب الولايات المتحدة، مشيرة إلى تجربة العمليات الأمريكية الفاشلة في أفغانستان وليبيا تجعل الدول الأوروبية حذرة من بدء مغامرة عسكرية تكون فرص نجاحها غير واضحة، كما هو الحال ضد الحوثيين.

وأوضحت الصحيفة، المختصة بالاقتصاد الإسرائيلي، أن التحالف بعد أسبوعين من تشكيله، أصبح متعثراً، ومن بين الدول العديدة التي تواصلت معها الولايات المتحدة، أعلنت عشر دول فقط علناً عن استعدادها للمشاركة، ولم يذكر سوى عدد قليل منها ما ستتضمنه مشاركتها، كما لم تنضم أي دولة مطلة على ساحل على البحر الأحمر إلى التحالف حتى الآن.