كم هي كلفة الصاروخ البحري مقابل مسيّرات الحوثيين.. واشنطن تبحث عن ممول خليجي

YNP /  إبراهيم القانص - 
شكلت الولايات المتحدة الأمريكية تحالفها العسكري البحري ضد اليمن، بعد الكثير من التهديدات لإثناء قوات صنعاء عن قرارها منع عبور السفن الإسرائيلية أو المتوجهة إلى موانئ الاحتلال، والمشروط برفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة وإدخال كل ما يحتاجه أبناء القطاع من الغذاء والدواء والوقود.

لم تتراجع سلطات صنعاء عن قرارها، وردت على تشكيل التحالف الأمريكي الجديد لحماية السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، بالمزيد من الإصرار على استمرار المنع، وفي الأثناء ورغم التهديدات، يتكشف التخبط الأمريكي ويتضح الموقف أكثر أمام العالم، بما يفيد بأن تشكيل هذا التحالف لا علاقة له بتأمين الملاحة الدولية في البحر الأحمر، فصنعاء لا تزال تؤكد أنها آمنة، وإنما تهدف واشنطن تأمين الملاحة الإسرائيلية.

وفي وقت تحشد واشنطن ضد صنعاء وترفع وتيرة التهديدات، تتفاوض مع الحوثيين عن طريق سلطنة عمان، بعد رفض صنعاء طلباً أمريكياً بفتح قناة تواصل مباشر معها، وفق عضو المجلس السياسي الأعلى، محمد علي الحوثي، الذي أكد في منشور على منصة إكس، أنهم رفضوا هذا الطلب وأبلغوا الجانب الأمريكي أنهم لا "يتفاوضون مع قتلة الأطفال والنساء".

ووسط هذه التجاذبات، يظل الثابت حتى اللحظة أن الخسارة الإسرائيلية تتعاظم، فميناء إيلات فارغ منذ أكثر من عشرة أيام، ولم تستقبل أرصفته سفينة واحدة، والصراخ الأمريكي ليس سوى محاولة لإعادة تدفق الدم في الشريان الذي قطعته اليمن.

تدرك صنعاء جيداً ما هو أبعد مدى ممكن أن تصل إليه الولايات المتحدة الأمريكية من أجل وقف العمليات العسكرية في البحر الأحمر ضد السفن الذاهبة إلى موانئ إسرائيل، ويبدو أنها واثقة من قدراتها في التعامل مع أي تطور في الأحداث، ومن الخطأ التقليل من شأن ما وصلت إليه من خبرة تراكمية للتعامل مع مثل هذه الظروف، فهي محصلة تسع سنوات من حرب كونية كانت الولايات المتحدة الأمريكية ولا تزال تقف خلفها، رغم واجهتها العربية المتمثلة في السعودية والإمارات.

في المقابل، تدرك الولايات المتحدة الأمريكية كلفة الفاتورة المترتبة على أي عمليات عسكرية ضد هجمات صنعاء في البحر الأحمر، وهي الآن تبحث عن ممول لعمليات تحالفها الجديد، وبالطبع لا بد أن يكون عربياً، وتحديداً خليجياً، فحروب واشنطن على مدى العقود الماضية ضد العرب كانت بأموالهم، ولن تجرؤ دول الخليج على رفض تمويل التحالف الجديد، وقد بدأت مؤشرات ذلك تلوح في تصريحات مسؤولين أمريكيين بأن هناك دولاً مشاركة لكنها رفضت أن تكون مشاركتها معلنة، وفق صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية نقلاً عن مسؤول في البنتاغون.

الصحيفة نفسها نقلت عن مسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية، أن "تكلفة استخدام الصواريخ البحرية باهظة الثمن، التي يمكن أن تصل إلى 2.1 مليون دولار للصاروخ الواحد، لتدمير طائرات الحوثيين المسيّرة غير المتطورة، والتي لا تكلف سوى بضعة آلاف من الدولارات لكل منها، تشكل مصدر قلق متزايد".

ويرى مراقبون أنه إذا انكشف خلال الأيام المقبلة مشاركة دول خليجية في التحالف الأمريكي الجديد، سيكون لصنعاء حسابات مختلفة معها، خصوصاً بعد الدفع بالبحرين إلى الواجهة، حتى وإن كانت مشاركتها بغرض التمويل فقط.

المراقبون أشاروا إلى أن الأيام المقبلة ستكشف الكثير من المواقف والتطورات بشأن التحركات الأمريكية لحماية إسرائيل، خصوصاً بالتحالف الجديد الذي شكلته من أجل وقف العمليات اليمنية في البحر الأحمر ضد الملاحة الإسرائيلية، مؤكدين في الوقت نفسه أن اليمن سيواجه أي تطور في الأحداث بما يتناسب معها، فإصراره على إغلاق البحر الأحمر ومضيق باب المندب أمام إسرائيل يعني أنه يتوقع كل الاحتمالات والتطورات التي ستنتج عن ذلك، وبالتالي سيكون لديه "أوراق مهمة قد يلجأ إليها في الوقت المناسب"، حسب الباحث في الشؤون العسكرية العميد عبدالله بن عامر، نائب مدير دائرة التوجيه المعنوي بصنعاء، والذي أكد أن "هذه المعركة لها ما يميزها عن غيرها سواء من حيث الجغرافيا أو الأسلحة".