قصة قتل الرهائن الثلاث والمجندة الإسرائيلية تكشف أكبر نقاط ضعف جنود الاحتلال

YNP / إبراهيم القانص - 

تتكشف تباعاً هشاشة الجيش الإسرائيلي أمام هجمات مقاتلي حماس الذين يفاجئون جنود الاحتلال بتكتيكات لا يتوقعونها، والتي اتضح معها أن هذا الجيش يعجز ويرتبك خلال القتال في المناطق ذات الكثافة السكانية، الأمر الذي يجعله متحصناً داخل آلياته المدرعة غالبية الوقت، أو يقصف الأحياء السكنية بطائراته وقنابله المحرَّمة، أما المواجهات المباشرة من المسافات الصفرية فهم لا يقوون عليها ولا يمتلكون الشجاعة رغم أسلحتهم الحديثة، ويسيطر عليهم الخوف والارتباك إلى درجة أنهم يقتلون بعضهم بعضاً.

  

الارتباك الناتج عن خوف جنود الاحتلال خلال المواجهات المباشرة مع مقاتلي حماس تسبب بمقتل ثلاثة أسرى على يد زملائهم الجنود، صباح الجمعة الماضية، ومجندة أخرى، مساء السبت، الأمر الذي أثار موجة من السخط بين عائلات القتلى الذين اتهموا الحكومة الإسرائيلية وقيادة الجيش بالتقصير والتفريط بحياة أبنائهم.

 

ونتيجة ضغوطات عائلات الأسرى المقتولين قال قادة الدفاع الإسرائيليون إنهم يتحملون المسؤولية عن القتل الذي وصفوه بـ "العرضي" لثلاث رهائن كانوا يحاولون الهروب من الأسر في غزة، وتعهدوا باتخاذ خطوات لضمان عدم تكرار الحادث المأساوي، لكنهم أشاروا أيضاً إلى الصعوبات التي يواجهها الجنود في ساحات القتال “المعقدة” في غزة، وفق صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".

 

الصحيفة الإسرائيلية قالت إن يوتام حاييم وسامر الطلالقة وألون لولو شمريز، قتلوا أثناء محاولتهم الاقتراب من مجموعة من الجنود في حي الشجاعية بمدينة غزة، بينما كانوا يلوحون بقطعة قماش بيضاء ويصرخون طلباً للمساعدة باللغة العبرية، ووفق تحقيق أولي للجيش الإسرائيلي كان الأسرى الثلاثة قد هربوا من مقاتلي حماس، لكن الجنود خشوا أن يكونوا جزءاً من محاولة لاستدراج القوات إلى كمين، ففتحوا النار وقتلوهم قبل أن يدركوا الخطأ.

 

رئيس الأركان في جيش الاحتلال، هرتسي هليفي، وصف في بيان مسجل حادثة القتل بأنها "حدث صعب ومؤلم"، محملاً نفسه والجيش الإسرائيلي مسؤولية ما حدث، حيث قال: "الجيش الإسرائيلي وأنا كقائد له مسؤولان عما حدث، وسنبذل قصارى جهدنا لمنع تكرار مثل هذه الحالات في استمرار القتال".

 

وبعد ما أقر الجيش الإسرائيلي بأنه "لم يكن مستعداً لاحتمال التعامل مع حالات هروب رهائن في غزة"، قال هليفي إن الجيش أرسل على الفور تعليمات جديدة إلى القوات البرية بعد إجراء تحقيق أولي، معترفاً بأن الجنود الذين أطلقوا النار فعلوا ذلك بشكل مخالف للقواعد التي تمنعهم من إطلاق النار على شخص يحمل علماً أبيض ويحاول الاستسلام.

 

وقال: "لقد فعل الرهائن الثلاث كل شيء حتى نتمكن من فهم الأمر. لقد تحركوا بدون قمصان حتى لا نشتبه في أنهم يحملون قنبلة على أجسادهم، وحملوا قطعة قماش بيضاء حتى نفهم"، منوهاً بأن ذلك حدث "أثناء القتال وتحت الضغط"، لكن التحقيق قال أيضاً إن جندياً قتل اثنين من الرجال، بينما فر الرجل الثالث بعد إصابته عائداً إلى المبنى الذي خرج منه، مؤكداً أن القوات سمعت نداءات النجدة في المنطقة، لكن عندما خرج الرجل الثالث من المبنى مرة أخرى، أطلق جندي آخر النار عليه وقتله.

 

وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، أدلى بتصريحات مماثلة، وأعلن تحمله مسؤولية ما حدث، معترفاً بأن جنوده يواجهون صعوبة القتال في مناطق كثيفة السكان، وقال: "عليكم أن تفهموا الظروف والبيئة التي يعمل فيها جنودنا"، واصفاً الشجاعية بأنها مكان يمكن أن يتم تفخيخ الألعاب فيه والقوات تتعرض فيه لتهديد مستمر بالكمائن.

 

وأضاف: "في بعض الأحيان يتم تشغيل أشرطة مع أصوات بكاء طفل، من أجل استدراج الجنود إلى الشقق ومن ثم تفجير العبوات، هذه أحداث وقعت وما زالت تحدث"، واصفاً الحادث بأنه من بين أكثر الأحداث مأساوية التي عرفها على الإطلاق.

 

وخلال حديث غالانت في مقر وزارة الدفاع (الكرياه) كان الآلاف من الإسرائيليين ينظمون تظاهرة أسبوعية للمطالبة بالتوصل إلى اتفاق لإعادة الرهائن إلى الديار، وقالوا في أعقاب مقتل الأسرى الثلاثة إن عدداً كبيراً من الرهائن قُتلوا خلال المعارك، لكن قادة الدفاع ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رفضوا الدعوات لوقف إطلاق النار.

 

في السياق، أفادت وسائل إعلام عبرية، مساء السبت، بمقتل أسيرة إسرائيلية أخرى في قطاع غزة، مشيرةً إلى أن الجيش الإسرائيلي أبلغ عائلة الأسيرة، عنبار هايمان، التي تم احتجازها في غزة يوم 7 أكتوبر الماضي.

 

وعقب إعلان الجيش الإسرائيلي عن تفاصيل الحادثة، خرجت مسيرة غاضبة أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب تطالب بصفقة فورية لاستعادة باقي الرهائن من قطاع غزة.