تواصل المعارك العنيفة جنوب الخرطوم ونيالا

بالتزامن مع مغادرة رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للجيش الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان مقر القيادة العامة بالخرطوم وجولته الميدانية في القاعدة الجوية بوادي سيدنا الجوية ومدينة عطبرة، تصاعدت حدة المعارك والاشتباكات العنيفة المستمرة أصلاً بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على تخوم سلاح المدرعات جنوب الخرطوم وفي عدد من مناطق العاصمة الأخرى.

 كذلك يستمر القتال محتدماً داخل مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور وسط أوضاع إنسانية مأساوية يستخدم فيها المدنيون دروعاً بشرية.

وفي إطار جولته الميدانية ووصوله إلى مدينة عطبرة بولاية نهر النيل شمال السودان، تفقد قائد الجيش سلاح المدفعية وجرحى العمليات من الجيش والقوات النظامية الأخرى بمستشفيي السلاح الطبي والشرطة بالمدينة، كما تفقد قرية السكن الشعبي بمنطقة الدامر.

في الأثناء، تتواصل المعارك عنيفة حول سلاح المدرعات في موازاة قصف مدفعي وغارات جوية تستهدف "الدعم السريع" التي انسحب بعضها إلى داخل أحياء الشجرة واللاماب جنوب الخرطوم والمجاورة لمحيط سلاح المدرعات.

وحسب مواطنين أجبرتهم المعارك على مغادرة منازلهم، تتركز الاشتباكات على الجهة الشرقية من المعسكر التي سبق واقتحمتها قوات الدعم السريع، قبل أن يتمكن الجيش من طردها منها لاحقاً، واستعادة السيطرة الكاملة عليها بحسب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة، ووفق شهود، تتمركز "الدعم السريع" في المباني المقابلة للسور الشرقي للمعسكر، فيما يقوم الطيران الحربي والمسيرات والمشاة بالتعامل معها وملاحقتها وسط ادعاءات متبادلة من الطرفين بسيطرتهما على القاعدة العسكرية.

وفي وقت ، أكد الجيش إحكام سيطرته الكاملة على مداخل ومخارج سلاح المدرعات، على رغم استمرار القصف المدفعي لقوات الدعم السريع، الذي طال بعضه مناطق سكنية في محيط المنطقة، متسبباً في سقوط قتلى وجرحى بين المواطنين.

كما استهدفت مدفعية الجيش، وفق مصادر محلية، مواقع "الدعم السريع" جنوب الحزام، ونقاط ارتكازها في مناطق بري شرق القيادة العامة للجيش بالخرطوم ومناطق أخرى حول سلاح المهندسين غرب أم درمان في أحياء المربعات والنخيل، وقامت قوة من سلاح المهندسين بتمشيط بري لمناطق محيط المعسكر بمنطقة أم درمان.

وفي محلية كرري شمال أم درمان، أفاد مواطنون بأنهم لم يسمعوا منذ فجر أمس الجمعة سوى أصوات قليلة للمدافع، وأكد بيان الناطق الرسمي للقوات المسلحة "دحر الجيش هجوماً جديداً بمنطقة الشجرة العسكرية من قبل الميليشيا المتمردة على سلاح المدرعات، ولاذ العدو بالفرار بعد تكبده خسائر كبيره تمثلت في تدمير 25 عربة قتالية وأربع مدرعات خفيفة ومئات القتلى والجرحى"، وأوضح الجيش أن "الميليشيا المتمردة قصفت حي أم بدة الحارة 24 بأم درمان، ما أدى إلى مقتل أربعة مواطنين وجرح آخرين، كما قامت بقصف منطقة الحماداب"، وأكد الناطق باسم الجيش أيضاً أن القوات تواصل عملياتها وتحرز تقدماً في مختلف محاور منطقة العاصمة المركزية.

وتستمر التعبئة في ولايات عدة وعمليات تجنيد المتطوعين وحملات الاستنفار استجابة لنداء القائد العام للجيش، والتي اتسعت بدخول النساء على خط التجييش لتشمل تدريب النساء على القتال.

وبينما تشهد ولايات شمال وغرب ووسط دارفور هدوءاً حذراً، ما تزال المعارك محتدمة بين "الدعم السريع" وقيادة "الفرقة 16" مشاة بمدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور، حيث يستمر القصف المتبادل بين الجانبين، في ظل انقطاع الاتصالات وخدمات الماء والكهرباء عن أجزاء واسعة من المدينة.

وأكد مصدر أهلي استمرار حركة النزوح من المدينة التي تعاني وضعاً إنسانياً سيئاً للغاية، وكشفت منظمة "أطباء بلا حدود" عن مأساة تعيشها مدينة نيالا حيث يحاصر عشرات الآلاف من السكان بمن فيهم موظفو المنظمة في ظروف قاسية، ويستخدمون كدروع بشرية، وأضافت المنظمة في بيان "موظفونا وسكان نيالا يتشاركون قصصاً مأساوية، عن دفن أحبائهم، وتحول منازلهم إلى ساحات قتال، وانعدام الرعاية الطبية بانقطاع الطرق وسيطرة الجماعات المسلحة على المستشفى الوحيد القريب في المنطقة"، وأكدت المنظمة الحاجة الملحة للإمدادات والممرات الآمنة في ظل تصاعد أعمال العنف وانقطاع الطرق.

من جانبه، حذر مني أركو مناوي حاكم إقليم دارفور من أن استمرار الحرب لا يجلب للوطن والمواطن سوى الدمار مطالباً الطرفين المتقاتلين بضرورة إيقاف الحرب والجلوس إلى طاولة حوار للخروج بالبلاد إلى برّ الأمان، وقال، لدى تفقده مراكز إيواء النازحين بمدينة الفاشر، "الحرب التي شهدتها البلاد من دون إرادة الشعب السوداني، ولم يكن طرفاً فيها، حرب بلا هدف وبلا معنى".