عمران خان .. حينما يتسيَّس الرياضيون ! ؟

YNP - قيس الوازعي :
السيد عمران خان ـ رئيس وزراء باكستان، هو في الأصل بطل رياضي اشتهر على المستويات القومي والقاري والعالمي، بفضل أدائه الرياضي المتفوق، الذي لم يأتِ بالصدفة، حتمًا، ولكنه نتيجة جهود تدريبية مخلصة مثابرة، يصح أن نصفها، إجمالًا، بالجهود الصادقة. حيث لايمكنه الكذب لا على نفسه ولا على مدربيه ولا على جمهوره ! 

فكان هذا الصدق في الممارسة هو سبيله للانتقال من مراحل الهواية والتسلية الرياضية  إلى مرحلة الإجادة والاحترافية، التي مكَّنته من إحراز مراكز عليا لبلاده، حاصدًا العديد من الجوائز والألقاب، فاستحق بسببها تمجيد وتعظيم أبناء شعبه له !


وعندما فقَد الناخب الباكستاني ثقته بسياسيي بلاده؛ أحزابًا وتنظيمات ومستقلين، من كافة التيارات والمذاهب السياسية، بسبب كذبهم وخداعهم لجماهير شعبهم، لم يجدوا بديلًا يمكنهم الثقة بمصداقيته سوى البطل الرياضي الوطني عمران خان، فحثوه على الترشح وآزروه وانتخبوه ليفوز بأعلى منصب سياسي في السلطة (رئيسًا للوزراء) !


حتى نحن المتابعون العرب للشأن الباكستاني اعتقدنا بالسيد عمران خان الشيء نفسه من صدق وإخلاص وشفافية، قد لانجدها في غيره من رجالات السياسة، الذين تربوا على المكر والخداع والكذب والتضليل ..!؟


لكن متابعاتنا للأداء السياسي لرئيس الوزراء الرياضي ـ المتسيس عمران خان، لم تأتِ بالشيء الجيد الذي توقعناه منه، خاصة فيما يخص علاقاته بجارتيه ( الهند وأفغانستان)!

فقد انساق الرجل وراء جماعات التطرف الديني ـ السياسي، بسبب مقاطعة ( كشمير) الهندية ! فذهب مع تأجيج الخصومة مع الهند؛ الدولة العلمانية المسالمة، المنهمكة في اللحاق بالنهضة التكنلوجية للارتقاء المعيشي بشعب يزيد عدد سكانه على المليار وثلاثمائة ألف نسمة. 


أما علاقاته مع جارته المسلمة (أفغانستان)  فلم تكن بالأفضل من علاقته مع الهند!؟

ففي مقابلة له مع شبكة تلفزة أمريكية يعترف السيد عمران، وبحذر مضلل، بأن بلاده أخطأت حينما تدخلت في الماضي  بالشأن الأفغاني، منحازة إلى طرف من الأطراف.. وقال ـ كاذبًا ـ إن بلاده لم تعد كذلك، بعد أن خسرت أكثر من 70 ألف باكستاني في أفغانستان، فضلًا عن خسارات اقتصادية ضخمة تقدر بعشرات المليارات من الدولارات ..!


كان الرئيس الأفغاني قد دعا السيد خان، بعد فوزه برئاسة وزراء باكستان، لزيارة أفغانستان، طمعًا، كما يبدو، بتحسين علاقة الأخوة الإسلامية وعلاقات الجوار الجغرافي بين البلدين، فكان له ذلك وتمت الزيارة.

وفي المؤتمر الصحفي، الذي أعقب المحادثات، أعرب عمران خان عن استعداد بلاده للعمل من أجل إحلال السلام في أفغانستان، موضحًا أن حكومته ستعمل على كبح جماح حركة طالبان، بعد أن كانت قد بالغت بهجماتها المسلحة ضد حكومة بلادها.

جاء هذا التصريح استجابة لطلب الرئيس الأفغاني، الذي تضمن اتهامًا مباشرًا للباكستانيين بدعم حركة طالبان وبالتدخل في شؤون بلاده.


وفي المقابلة التلفزيونية قال عمران خان إن الرئيس الأفغاني طلب منه إيقاف عبور مقاتلي طالبان إلى أفغانستان، إلا أن عمران، كما أفاد، طلب منه أن يخبره بالمناطق التي يعبر منه هؤلاء المقاتلون و(سنتخذ إجراءات بحقهم)!؟

يعرف عمران خان وتعرف أجهزته الاستخبارية من أين يمر هؤلاء القتلة الإرهابيون، من طالبان الأفغان ومن طالبان باكستان، ويعرفون من الذي يدعمهم بالمال والسلاح ومن الذي يسهل حركتهم عبر الحدود!؟

لكن عمران قصد من طلبه هذا السخرية وإحراج الرئيس الأفغاني وحكومته، كونهما في حالة عجز عن حماية حدود بلادهم، فكيف لهم أن يحددوا مناطق عبور المقاتلين؟!

ولقد كان حريٌّ بالسيد عمران، لو أنه كان صادقًا في تعاونه مع جواره الأفغاني، أن يوجه أجهزته الأمنية والعسكرية بوقف الدعم لمقاتلي طالبان وبمنع مساعدتهم على العبورإلى الأرضي الأفغانية !

فكيف وأين تعلم الرياضي الصادق الكذب، وهو الذي لم يتربَّ في دهاليز السياسة ؟!


وقال عمران، متفاخرًا، على ما نظن : رفضنا تنفيذ أي عمل عسكري أو أمني ضد قادة طالبان المقيمين في باكستان وضد المتعاطفين معهم وضد عوائلهم،  وقلنا إننا مستعدون للقيام بأي شيء آخر غير ذلك!؟

فياهل ترى ما هو ذلك الشيء الذي يقصده عمران خان ؟!


ليس لدى القيادة الباكستانية نية صادقة لمساعدة الحكومة الأفغانية على بسط الأمن والأستقرار في بلادها، وإلا لأوقفوا حركة طالبان ( الباكستانية)، على الأقل عن دعم أبناء عمومتهم طالبان (أفغانستان). فكلا الحركتين تنتمي لقبائل البشتون التي تقطن مناطق طرفي الحدود في البلدين!
18:32

وقال عمران خان إن الأمريكيين كانوا قد مارسوا ضغوطًا على باكستان للانضمام إلى التحالف في أفغانستان ؤطلبوا منها إرسال قوات عسكرية إلى مناطق القبائل ذات الحكم شبه الذاتي من أجل إيقاف التمرد هناك، لكن النتائج، كما قال، جاءت عكسية !؟

كاد عمران يقول إن القوات العسكرية، التي بعثتها بلاده إلى مناطق القبائل قد عملت على زيادة التمرد وتغذيته!

وأخذ يسخر من القوات الأمريكية في أفغانستان إذ وصفها بالضعف، الذي أخضع الأمريكيين للحوار مع طالبان، التي كان الفضل في انصياعها للحوار في الدوحة للضغوط الباكستانية!


لم ولن يتوقف الدعم المادي واللوجستي الباكستاني لطالبان حتى تستعيد السلطة في أفغانستان ولو أدى هذا الهدف إلى حرب أهلية أفغانية !؟

وفي صورة من صور الدعم الباكستاني اللامحدود لطالبان فقد استغلت باكستان علاقاتها الجيدة مع الصين لتقريب وجهات النظر بين الجانبين، فكان من ثمار ذلك أن استقبل الصينيون وفدًا من حركة طالبان، خلال الأسابيع الماضية، في تصرف صيني غير لائق وغير مسؤول، حينما تستقبلوا وفدًا من المتمردين على نظام بلادهم . وكان الأجدر بالصين، كدولة من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن أن تحترم علاقاتها مع الدولة، لا مع المنشقين الإسلاميين المتطرفين من حركة طالبان الإرهابية !؟

ولاعجب حينما يلتقي الكذابون في الهدف والسلوك! 

- الاثنين 2 أغسطس 2021 م .