كيف عصفت إنتفاضة الغضب بحسابات التحالف والشرعية في اليمن ؟!

YNP_ حلمي الكمالي : 

لا تبدو حالة الغليان الشعبية ضد بقايا الشرعية والتحالف في مناطق سيطرتها، هذه المرة لحظة عابرة، غير أن البطون الخاوية تندفع بقوة كسيل في وجه هوامير الفساد ولصوص الدم والقوت، الرابضين فوق أحلام الشعب، والكاظمين على صدره براكين الغضب، ما ينذر أن موجة الإحتجاجات القائمة ستكون محطة مصيرية، تعصف بكل المتغيرات السياسية والعسكرية على أجندات وحسابات الشرعية والتحالف والوكلاء الإقليميين والمحليين.

تباعا .. تنفجر تظاهرات الغضب الواحدة تلو الأخرى خلال الأيام القليلة الماضية، لتسود معظم مناطق سيطرة حكومة هادي وفصائل التحالف، ما يؤكد أمامنا إنتفاضة شعبية وإشتعال ثورة حقيقية يمكن القول بأنها مكتملة الأسس، بالأخص بعد قيام فصائل التحالف المختلفة، بمحاولة حثيثة لقمع الإحتجاجات الشعبية، كما حدث أمام مرأى ومسمع العالم أجمع في مدن تعز وعدن وغيرها.

لذلك، فإن إندفاع الشارع اليمني في مناطق سيطرة فصائل التحالف، بهذه الصورة الواسعة والهائجة، لوجه الجوع والحرمان الذي يعيشه لزاما وكرها تحت سلطات القمع وحالات الترهيب للعام السابع على التوالي، في ظل غياب حكومة هادي، كليا عن واقعها واستهتارها بمعاناة المواطنيين؛ يجعل شرارة ثورة الجياع أكثر إتقادا وتماسكا، في حين أنه لم يعد ممكنا أن تتراجع جماهير الجوع خطوة إلى الوراء، في وضع إقتصادي مهترئ للغاية، يستمر بالقفز إلى مستويات قياسية في الإنهيار والإنكماش.

بلا شك، أن الشارع اليمني ليس مغفلا، كما هو واضح في تعامل قوى التحالف السعودي معه، التي تسعى منذ سبعة أعوام لفرض عليه شرعية واهية، لا وجود لها مطلقا على أرض الواقع. بيد أن المواطنيين أصبحوا يدركون مغبة هذا الخطأ الكبير، الذي صار يكلفهم اليوم، ثمنا باهظا من قوتهم وأرواحهم، وكذلك أمنهم الإقتصادي والغذائي، الذي يتشظى مراراً، بين سنديان تجاهل حكومة هادي ومطرقة التحالف وصراعات فصائله البينية على أنقاض المواطنين.

الحقيقة أن قراءة الواقع الذي يعيشه اليمنيين الواقعين ضمن سيطرة التحالف وفصائله، لا تحتاج إلى أن يخوض المواطنيين مصارع الحرب والسياسة تحت أجندات التحالف.

إذا ما تمعنا جيدا في معطيات هذا الواقع، والتي توضح حقيقة غياب أي شكل من أشكال الشرعية في حياة المواطن اليمني ؛ في ظل غياب أقل ما يمكن أن توفره الدولة ، أبرزها توقف المرتبات والخدمات الأساسية، غياب الرئيس وحكومته وبرلمانه خارج البلاد للعام السابع على التوالي دون أي مبررات، وعدم وجود سلطة مركزية، وغيرها من الأساسيات التي تقوم عليها الدول والشرائع الدستورية.

لا يجب أن نذهب بعيدا لإثبات الحقائق الجلية، والمنظورة على الواقع، بحكم العقل والمنطق؛ تركت الشرعية والتحالف من ورائها، المواطنيين يترجعون ويعيشون مختلف صنوف الأزمات الإقتصادية، على رأسها تدهور الأوضاع المعيشية جراء الإنهيار المستمر في العملة المحلية، التي تركتها تنهار تدريجيا إلى أن وصلت لمستويات كارثية، إلا أنها لم تحرك ساكنا حيال ذلك، على الرغم أن حلول تلك المشكلات كانت بسيطة للغاية، كأن يتم دعم العملة الوطنية بعائدات النفط والغاز وغيرها، لكنها بدلا من أن تفعل ذلك، قامت بإتخاذ إجراءات تعسفية، أصابت الإقتصاد الوطني بمقتل، أبرزها رفع التعرفة الجمركية وطباعة أكثر من اثنين ترليون من العملة المحلية دون غطاء نقدي.

تعقيبا على ما سبق، فإن مشكلة المواطنين كانت تكمن في الصمت خلف الوعود الكاذبة والانتظار خلف الوهم، والذين ظلوا خلال السنوات الماضية، يناشدون معالجة أزماتهم من شرعية لا أثر لها على الإطلاق، قبل أن ينتفضوا في كل المياديين، مطالبين بإسقاط الشرعية وطرد التحالف، كحل وحيد لحلحلة أزماتهم ومعالجة جميع مشاكلهم الإقتصادية والأمنية وغيرها.

على أية حال، فإن موجة الاحتجاجات الشعبية الأخيرة، التي تجمع على مطالب رحيل الشرعية وخروج التحالف من البلاد، تؤكد أن خيارات المواطنيين أصبحت هي الأقوى على حسم ملعب التحالف، في حين يتصاعد الرصيد الشعبي لدى قوات صنعاء، تزامناً مع تصاعد انتصاراتها العسكرية في مجمل جبهات البلاد.