حضرموت تكشر في وجه "الشرعية"

خاص – YNP ..

بعد 3 ايام من وقف مسلحي القبائل خروج قاطرات النفط من محافظة حضرموت، إحدى اهم المناطق النفطية  في اليمن، اعلنت شركة بترومسيلة،  ابرز اذرع بيع وانتاج النفط الحكومية ، وقف الانتاج في حين تداعت  قيادات " الشرعية" للنفير ، فما ابعاد قرار القبائل وقف تصدير النفط وما تداعيات ذلك ؟

 الصور المتداولة لنقاط القبائل عند مداخل ومخارج محافظات حضرموت بساحلها وواديها تظهر طوابير طويلة  من  القاطرات المحملة بالوقود والتي تتجه يوميا إلى  مناطق غير معروفة لتهريب هذه الثروات النفطية،  وهذه القوافل التي تم احتجازها ،  عادة ما تتبع  هادي ونائبه علي محسن  اللذان يتولان عبر رجال اعمال موالين لهما تقاسم امتيازات النقل والحماية للشركات الاجنبية المنتجة للنفط والغاز في عموم الهلال النفطي لليمن .. عملية تهريب النفط هذه هي جزء يسير من عمليات تهريب واسعة لم تقتصر على بيع النفط اليمني في السوق السوداء لليمن بل يشمل ايضا تهريبه عبر موانئ نفطية ابرزها ميناء الضبة في حضرموت، والذي يستقيل كل بضعة ايام ناقلة نفط جديدة لتصدير شحنة بمتوسط  مليوني برميل يوميا ..

عموما عملية النهب هذه وغيرها الكثير هي نتاج طبيعي لتقاسم ثروات البلد بين نظام ما بعد الوحدة أو بالأحرى رموزه حينها والتي لا تزال تبسط نفوذها على هذه المنطقة حتى اليوم وترفض حتى تسجيل حقول نفطية يتم نهبها  في المؤسسات الرسمية للدولة والتي تسيطر عليها اصلا، وكان من الطبيعي أن يظل هذا الخلل قائم في ظل صمت مجتمعي مطبق بما فيهم اصحاب الارض.

وبغض النظر عن حجم ما تنتجه حضرموت من النفط وغير بقية المحافظات اليمنية، والذي  ترفض اطراف محلية واقليمية ودولية الكشف عنه رغم التقارير عن حجم غير مسبوق من الاحتياطي والانتاج ايضا،   يشير تحرك "الشرعية"  لمواجهة  حراك القبائل الجديد  إلى أنها تواجه خطر قادم  قد يقضي على اهم مصادر تمويلها وفسادها، فهل تنجح؟

 فعليا، تحمل "الهبة الجديدة" في مضامينها  عدة ابعاد، اولها قد تكون لها علاقة بالوضع المعيشي الذي وصل اليه سكان  مناطق  "الشرعية" جنوب وشرق البلاد، مع انهيار العملة وارتفاع اسعار المواد بما فيها المشتقات النفطية التي تتجاوز في حضرموت حاجز ال23 الف ريال، وفي حال كانت هذه الخطوة انعكاس لهذا الوضع المزري والمبشر  بمستقبل مرعب للجميع في اليمن،  فهي مقدمة مهمة لتغيرات جذرية قد تعيد للوضع الاقتصادي  بما فيها معيشة الناس استقرارها، غير أن المعطيات على الارض لا تشير بان  الناس الذين خرجوا في تظاهرات غضب بالمكلا  قد قرروا اخيرا حمل السلام لاستعادة ما يصفوها بـ"حقوق حضرموت"   بل أن اغلاق منافذ حضرموت  تحمل في طياتها ايضا ابعاد  سياسية اولها في الحراك الذي يقوده وكيل اول محافظة حضرموت عمرو بن حبريش الذي قدم قبل شهر استقالته لهادي وعينه على منصب المحافظ،  وثانيها المجلس الانتقالي الذي حذر  من قمع عسكري لفعاليات القبائل التصعيدية  وقد يكون له اهداف من ورائها  خصوصا وأن اغلاق المنافذ سبق وأن تبنته قبائل  ال جابر الموالية للانتقالي  والمتمركزة في محيط المسيلة..

حتى الأن ، يبدو بأن اغلاق المنافذ وقرار منع صادرات النفط والاسماك قد اتى اوكله  نظرا لتحرك ابرز اركان "الشرعية"  سواء بإعلان هادي بعد اكثر من شهر ونصف رفضه استقالة بن حبريش في محاولة لتهدئة غضبه باعتباره قائد اهم التكتلات الاجتماعية والقبلية والسياسية في المحافظة أو بتلويح علي محسن  بالقوة وانضمام قوى اخرى إلى ساحة الصراع،  غير أن المهم هو من سيجني ارباحه، اهو بن حبريش الذي يتطلع لمنصب رفيع أم الانتقالي الذي يبحث عن موطئ قدم في  المحافظة، أم اطراف قبلية جديدة  قد تكسر احتكار تلك القوى  لموارد حضرموت وتسجل  موقف تخلط من خلاله الاوراق على الجميع  وتلبي تطلعات حضرموت في استعادة  حقوقها المنهوبة؟

ذلك يبقى مرهون بتطورات الوضع مستقبلا وقدرة القوى القبلية على ادارة المرحلة الحرجة  التي تمر بها المحافظة والمخاض الذي تعيشه المحافظة النفطية ..