ارتفاع أسعار النفط عالميا يفاقم الانهيار الاقتصادي في اليمن

YNP- عبدالله محيي الدين :
مخاوف كبيرة لدى الدول المستوردى للنفط أثارها ارتفاع أأسعاره عالمياً، ليتخطى حاجز الـ 100 دولار للبرميل، آخر الأسبوع الماضي، مع اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، لأول مرة بعد الانتكاسة التي حدثت لها العام الماضي،حيث تراجعت الأسعار حينها إلى ما دون دولار واحد للبرميل، لتعاود الصعود بصورة تدريجية، حتى وصول الذروة حالياً.

ويبدو اتجاه أسعار النفط نحو الصعود مشجعاً لاقتصادات الدول المصدرة، غير أن ذلك لا ينطبق على اليمن، التي رغم استئناف عمليات إنتاج النفط فيها منذ قرابة ثلاث سنوات، إلا أن عمليات الإنتاج والتصدير تظل عند حدود دنيا، علاوة على أن العائدات منها لا تصب في خزينة الدولة، ولا ينعكس بأي أثر على الاقتصاد الوطني.
وقفزت أسعار النفط عالمياً أواخر اﻷسبوع الماضي إلى 103 دولارات للبرميل، قبل أن تسجل انخفاضا نسبيا مطلع الأسبوع الجاري، إلى 97 دولارا للبرميل، وهو أعلى مستوى تصل إليه منذ سبع سنوات، ذلك بالتزامن مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، بعد بدء روسيا عملياتها العسكرية داخل الأراضي الأوكرانية فجر اليوم الخميس، وسط توقعات بتداعيات كبيرة لهذه الحرب، قد تؤثر على الاقتصاد العالمي ولا سيما مصادر الطاقة (النفط والغاز الطبيعي).
وبدلاً عن أن يكون هذا الارتفاع في أسعار النفط عالمياً في صالح الاقتصاد اليمني، فإن العكس هو الذي سيحدث، حيث ينعكس هذا الارتفاع في رفع فاتورة الاستيراد بالعملة الصعبة، وأيضاً ارتفاع أسعار المشتقات النفطية المستوردة إلى السوق المحلية، ومعه ارتفاع أجور النقل ونفقات التشغيل لجميع القطاعات الحيوية، وهو ما يضيف عبئاً جديداً على الاقتصاد اليمني المنهار.
وتعاني المحافظات اليمنية من أزمات وقود خانقة، ولا سيما المحافظات الواقعة تحت سيطرة سلطات صنعاء، والتي يمنع التحالف دخول إمدادات النفط إليها عبر موانئ الحديدة، من قرابة عامين، وفي مقابل ذلك ارتفعت أسعار المشتقات النفطية، بواقع بما يقارب 100 بالمئة في هذه المحافظات، فيما بلغ الارتفاع في أسعار الوقود في مناطق سيطرة حكومة هادي المدعومة من التحالف قرابة 200 بالمئة، رغم أنها لا تخضع ﻷي حصار.
وفي مناطق سلطة صنعاء، ذات الكثافة السكانية الاعلى في البلاد، والتي تمثل قرابة 75 بالمئة من إجمالي عدد السطان، فإنه وبالإضافة إلى ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمية، يأني حصار التحالف ومنعه دخول سفن الوقود إلى موانئ الحديدة واحتجازها ﻷشهر ما يؤدي إلى تراكم غرامات التأخير لتصل إلى مبالغ توازي أحيانا ثمن الحمولة في كل سفينة، وهو ما يرفع أسعار المشتقات النفطية في هذه المناطق، حيث تتسع دائرة المعاناة اﻹنسانية التي أفرزتها الحرب على كافة المستويات.
ووسط الواقع الذي فرضته الحرب التي تقودها السعودية في اليمن وسيطرة التحالف وحكومة هادي على مصادر النفط في البلاد، وكذا القيود التي يفرضها التحالف على واردات النفط إلى البلاد، فإن ارتفاع أسعار النفط عالمياً قد ينعكس سلباً على واقع الاقتصاد اليمني، بعد أن تحولت اليمن من منتج للنفط إلى مستورد له، وذلك بسبب منع وتعطيل التحالف السعودي الإماراتي عودة أنشطة إنتاج النفط والغاز إلى سابق عهدها، ليتم استعادة القدرة التصديرية من جميع الحقول النفطية في البلاد، حيث كانت اليمن تصدر ما يقارب 450 ألف برميل من النفط الخام يومياً.
وكانت عائدات النفط والغاز تمثل أهم روافد الاقتصاد اليمني خلال أكثر من عقدين من الزمن، وأهم مصدر للعملة الصعبة في فترات ما قبل الحرب التي تشهدها البلاد للعام السابع، حيث كانت صادرات هاتين المادتين تشكل ما نسبته 90% من صادرات البلاد، وكانت عائداتها تغطي ثلث إجمالي الناتج المحلي، وما يقارب 75% من موارد الموازنة العامة للدولة.
ومع إعاقة عودة تصدير النفط اليمني بكامل طاقته التصديرية، فإن عائدات ما تم السماح بتصديره، والذي لا يتجاوز بحسب وزير النفط في حكومة هادي، ما نسبته 20% من إجمالي الإنتاج، الذي يقدر حالياً بـ 55 ألف برميل يومياً، تخصص لتغطية نفقات هذه الحكومة، حيث يتم إيداعها في حساب خاص لدى البنك الأهلي السعودي، وتصرف بإشراف سعودي، وبالتالي عدم الاستفادة من تلك المبالغ في تعزيز مخزون البلاد من العملة الصعبة، والذي يمكن أن يسهم في الحد من التردي الاقتصادي والانهيار الحاصل في سعر العملة المحلية، ناهيك عن عمليات النهب والتهريب التي يتهم بها مسئولون وقيادات عسكرية تابعة لحكومة هادي، وقيادات في حزب الإصلاح.
وتوقف إنتاج النفط في اليمن بشكل كامل عام 2015م، وفي شهر أغسطس من عام 2016م تم استئناف الإنتاج في حقول المسيلة بمحافظة حضرموت، ورغم أن قوات صنعاء لم تصل إلى تلك المنطقة ولم تكن فيها أي مواجهات، إلا أن استئناف الإنتاج لم يتم إلا وقد وضعت السعودية يدها على المنطقة النفطية، وفي عام 2018م استؤنفت عملية إنتاج النفط في حقول محافظة شبوة، فيما لا يزال إنتاج الغاز متوقفاً، بعد سيطرة القوات الإماراتية على منشأة بلحاف الغازية، التي أنشأت أبوظبي قاعدة عسكرية فيها لتظل تحت تصرف الإمارات بشكل مباشر، أما شركة صافر لإنتاج النفط والغاز من حقول محافظة مارب فقد كانت أكثر غموضاً من غيرها في مسألة إعلان استئناف التصدير، إذ تأخر إلى شهر أكتوبر من عام 2020م، بعدما تم ترتيب كل شيء حسب وجهات نظر التحالف وخريطة مصالحه.