فصل جديد من الصراع السعودي الإماراتي في اليمن.. أي مصير لقطبي التحالف؟

YNP _ حلمي الكمالي :

لم يعد الصراع السعودي الإماراتي في اليمن، مقتصراً على خلافات السيطرة والنفوذ بين قطبي التحالف، لتقاسم الثروات السيادية اليمنية؛ بل أن الصراع قد أخذ بعداً مغايراً، ليتحول مع تفاقم المكابرة داخل دواوين الأمراء، إلى صراع وجودي بين قوتين ما تزالا هواة على المعترك العالمي، تحشد كل طاقاتها وأسلحتها لإلغاء بعضها البعض في حرب شرسة انتقل صداها من على الملعب الإقليمي إلى المسرح الدولي.

ما نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال " الأمريكية، عن واقع الصراع المحتدم بين السعودية والإمارات، بكشفها تصريحات لولي العهد السعودي والذي يؤكد فيها تعرض بلاده لطعنه في الظهر من قبل الإمارات، هو مؤشر يؤكد أن الصراع بين وكلاء الولايات المتحدة بات خارجاً عن السيطرة، وأن واشنطن أصبحت مستاءة وقلقه من انعكاس هذا الصراع على المصالح والأطماع الأمريكية في المنطقة وتحديداً في اليمن، حيث تخشى من خسارة القوتين لكل ماهو بحوزتهما من مواقع الثروة في البلاد.

إذ أن الإفصاح الأمريكي عن الصراع السعودي الإماراتي اليوم بعد سنوات من الصدام المباشر في كواليس المشهد السياسي والعسكري، يعكس تفاقم الصراع بين قطبي التحالف في اليمن، وهو ما يمكن ملاحظته من خلال التحركات الإماراتية في المحافظات الجنوبية اليمنية، وما يقابلها من تحركات سعودية مماثلة ومناهضة في نفس الوقت لتحركات الشريك الإماراتي، والتي وصلت إلى تحشيدات عسكرية متبادلة بين الطرفين، تمهيداً لخوض معركة فاصلة.

وفي جولة سريعة لاستعراض أبرز التطورات في خضم الصراع السعودي الإماراتي على الساحة الجنوبية اليمنية، سنجد أن الأوضاع توشك على الانفجار والصدام المباشر، خصوصاً مع توجه السعودية لإقصاء النفوذ الإماراتي المتمثلة بفصائلها في المجلس الإنتقالي، ميدانياً من خلال إنشاء كنتونات صغيرة في كل محافظة جنوبية، بدأت بإعلان مجلس حضرموت الوطني ومن ثم حلف أبناء وقبائل شبوة، والتحشيد عسكرياً لهذه المجالس والأحلاف، لتثبيت سلطتها كبديلة عن الفصائل الإماراتية.

لا شك أن التوجه السعودي الجديد، لم يروق للإمارات التي باتت تشعر بقرب فنائها من المشهد السياسي والعسكري جنوبي اليمن، خصوصاً وأن الحراك السعودي لا يبدو أنه سيتوقف عند فصل المحافظات النفطية الشرقية عن الحضور الإماراتي، حيث تستعد قائدة التحالف لإنشاء كنتونات ومجالس مماثلة في أبين وعدن، معقل المجلس الإنتقالي، والأهم من ذلك مساعيها لانتزاع أهم وأبرز المواقع الحيوية للشريك الإماراتي في المثلث الإستراتيجي المتاخم لمضيق باب المندب.

فبعد ساعات قليلة من نشر تسريبات عن تحركات سعودية لاشهار حلف جديد في منطقة رأس العارة بمحافظة لحج، يضم المناطق الساحلية للمثلث البحري الجنوبي الغربي الممتدة من مدينة الخوخة بمحافظة الحديدة إلى مدينة المخأ بمحافظة تعز، وصولاً إلى مديرية البريقة في مدينة عدن، دفعت الإمارات بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى مناطق الصبيحة في مديريتي كرش والشريجة، في محاولة لتطويق قوات درع الوطن الموالية للسعودية والمتمركزة في رأس العارة.

بالتالي، فإن كل المؤشرات تؤكد أن معركة واسعة مرتقبة بين قطبي التحالف، في وقت تدفع الولايات المتحدة للملمة الصراع أو على الأقل احتوائه في نطاق الأدوات ضمن ملعبها جنوبي اليمن، بحيث لا يؤثر على أطماعها وحضورها العسكري في البلد، لكن المحاولات الأمريكية لتحقيق هذا التوازن تبدو صعبة للغاية وشبه مستحيلة بعد انفراط العقد بين الوكلاء من جهة، وانتفاضة الشارع اليمني ضد قوى التحالف والحكومة الموالية لها في مناطق سيطرة فصائل التحالف من جهة أخرى.

تعقيباً على ذلك، يمكن القول إن الصراع السعودي الإماراتي هو تأكيد علمي وصريح على تفكك وقرب انتهاء مرحلة التحالف في اليمن، في وقت سيدفع هذا الصراع لجولة جديدة من الصدام قد يكون أشد ضرواة بين الدولتين على الساحة الإقليمية، وهو، أي الصراع، إن كان سيشعل المزيد من الخراب والتوترات في المنطقة، سيعود بتأثيرات وتداعيات قاصمة على مستقبل الدولتين، بالتالي على مستقبل النفوذ الأمريكي الغربي.