الأثر الذي تركته الطائرة المسيّرة التي انطلقت من اليمن إلى وسط تل أبيب، ظهر في تعاطي الإعلام الإسرائيلي مع العملية، حيث أخذ التفسير والتحليل أبعاداً مختلفة لم يخلُ أيٌّ منها من الرعب والاندهاش وفقدان الثقة في ما يسمونه جيش الدفاع وما يمتلكه من تقنيات استخباراتية ودفاعية طالما وصفت بأنها الأفضل على مستوى العالم، وهو ما جعل الصدمة أكثر وجعاً عليهم بعد اختراق طائرة الحوثيين حكايات القوة الخارقة، إلى درجة أنهم لم يجدوا لذلك تفسيراً سوى أنه نوع من السحر، حيث قالت ذلك صحيفة "كالكاليست" الإسرائيلية في تقرير نشرته الجمعة الماضية.
الصحيفة العبرية ذكرت في تقريرها أن هجوم الطائرة المسيّرة اليمنية على تل أبيب، يشبه "السحر"، فقد انطلقت عبر مسار مختلف، متجاوزةً أنظمة الرصد والدفاع الأمريكية والإقليمية والإسرائيلية، وفي النهاية فاجأت الإسرائيليين بهجوم غير مسبوق.
الصحيفة قالت إن "القوات اليمنية خلقت روتيناً خطيراً للبحرية الأمريكية، وعرفت كيفية توظيف هذا الروتين لتجاوز حاملة طائرات وبارجات صواريخ متطورة"، متسائلةً: "كيف نجحت الحيلة، وما الذي يميّز الطائرة المسيّرة التي أطلقت على إسرائيل، وما الذي يمكننا فعله لمنع مثل هذا الهجوم القاتل في المستقبل؟، موضحةً أن الحوثيين تمكنوا من اختراق دفاعات سفن البحرية الأمريكية، ونظام الرصد الإسرائيلي، وحلقت طائرتهم المسيّرة حتى ضربت قلب تل أبيب".
وأشارت إلى أن العالم كله فوجئ بإنجاز الحوثيين، مؤكدةً أنه "محق في ذلك، فلم يتمكن أي عدو من ضرب (تل أبيب) من هذه المسافة"، مضيفةً أن التحدي يبدو أكثر شراسة لمجرد إدراك المرء أن "أراضي إسرائيل كانت محمية من هجوم الحوثيين باستخدام تقنيات الكشف الأكثر تقدماً على هذا الكوكب- حاملة الطائرات الأمريكية والبوارج التابعة لها، وأجهزة الاستشعار السعودية والمصرية، وبالطبع كل براءة اختراع تمكن الرأس اليهودي من اختراعها والجيب اليهودي من شرائها".
وقالت الصحيفة إن الحوثيين جيش يمني يكره إسرائيل ويكره الولايات المتحدة، ولديهم قُرابة نصف مليون مسلح، لكن خصمهم على بعد آلاف الكيلو مترات، والطريق مليء بالسفن الحربية، فضلاً عن أن أي دولة لن تسمح لهم بالمرور براً، إلا أنها اعتبرت كل ذلك صوراً خادعة، مشيرةً إلى أن وراء قوات صنعاء قيادة منظمة تعرف كيف تستفيد من القليل الذي لديها، فضلاً عن المهارات التي اكتسبها الحوثيون خلال حربهم مع السعودية، وهو ما جعلهم يقفون في مواجهة إسرائيل والولايات المتحدة.
ولتفسير كيف فعل الحوثيون كل ذلك، شبهت الصحيفة ذلك بالسحر، موضحةً أن "كل سحر جيد يتم إجراؤه وجهاً لوجه ينقسم إلى ثلاث خطوات، "تتم الأولى بتقديم موقف مألوف، كالعملة المعدنية التي يحركها الساحر بسرعة من يدٍ إلى أخرى وبلغة جسد مفرطة، والخطوة الثانية هي التحدي، حيث يسألك الساحر سؤالاً بسيطاً هو: في أي يدٍ تقع العملة المعدنية؟ أما في المرحلة الثالثة فإن الساحر يعميك، حيث تظهر العملة المعدنية من العدم".
ومن خلال ما أوردته الصحيفة العبرية بتشبيه ما فعله الحوثيون بالسحر، أوضحت أن النتيجة كانت "طائرة يمنية مسيّرة في غرفة المعيشة"، مضيفةً أن ما وصفته بالسحر اليمني اعتمد على حقيقة أن الحوثيين عودوا السفن الحربية الأمريكية على روتين معين من خلال إطلاق طائرات مسيّرة بطيئة تحلِّق على ارتفاع منخفض وصواريخ كروز سريعة وصواريخ باليستية مضادة للسفن، ولأن البحرية الأمريكية تحب الأنماط فقد تمكن الحوثيون من جعل ذلك وضعاً مألوفاً، وهي ما وصفتها الصحيفة بالمرحلة الثانية من السحر اليمني.
أما المرحلة الثالثة مما وصفته الصحيفة بالسحر اليمني فكانت "في ظهر يوم 17 يوليو، حيث رد الأمريكيون كالمعتاد، مع أجهزة الاستشعار وعناصر النار الخاصة بهم، عندما وقعت الهجمات في قطاعات قريبة من بعضها، وبينما تبادل عناصر البحرية الأمريكية التحيات في مواقع التحكم في المدمِّرات، تسلل المسار الرئيسي بين القطاعات، طائرة مسيّرة بعيدة المدى تسمى يافا.





-1nsp-205.jpg)

