النضال الفلسطيني والاجتماعات العربية  

YNP - قيس الوازعي :

يعرف القادة السياسيون العرب أن الجامعة العربية لم تعد جامعة لهم، بعد أن تم اختطافها من قبل دول بعينها، وباتت مشلولة ومسلوبة الإرادة والقرار، منذ عدَّة سنوات، حتَّى أنها باتت عاجزة عن القيام بأي دور تجاه أبسط القضايا العربية !؟

مع ذلك لايتردَّد كبار منافقيهم عن استغلال أية مناسبة، تتعلق بالقضية الفلسطينية، بالذَّات، لدعوة بعضهم الآخرلاجتماع طارئ ! ليس لإنقاذ الشعب الفلسطيني، بالطبع، ولكن لتأكيد ادِّعائهم الزائف (الحرص على المقدسات الإسلامية وعلى حقوق الشعب الفلسطيني)!

 

وفي أي اجتماع، وعلى أيِّ مستوىً كان، سرعان ما تخرج النقاشات عن الموضوع، الذي عقد الاجتماع لأجله ليذهب في اتجاهات أخرى، لعبت فيها حسابات المصالح الذاتية لعبتها!

في الاجتماع الأخير، الذي عقد في بداية الأسبوع، لمناقشة الاعتداءات الإسرائيلية على سكان حي الشيخ جراح، وانتقالها إلى المسجد الأقصى للنيل من المصلين.. ترك المجتمعون قضية التنازع على المساكن المختلف على ملكيتها وجاء بيانهم يؤكد على التمسك بحق إقامة الدولتين؛ الإسرائيلية والفلسطينية. وهي قضية مفروغ منها، ومجمع عليها دوليَّا، بما في ذلك موافقة إسرائيل نفسها وعدم ممانعتها.

بسرعة فائقة صدر البيان الختامي لعدد من وزراء الخارجية العرب، الذين حضروا، ثم انصرفوا لاجتماعات ثنائية وثلاثية خاصة، لبحث قضايا جانبية أخرى، تهم بلدانهم ومصالحها.

السعوديون ذهبوا باتجاه التحشيد حول خلافاتهم مع إيران! المصريون ذهبوا باتجاه

التحشيد حول خلافاتهم ( المفتعلة) مع إثيوبيا بخصوص سد النهضة. وهكذا ذهب الباقون كلٌّ في سبيل حاله. وكأن الغاية من الاجتماع

مجرد إسقاط واجب، أو كأنه عمل دعائي أكثر منه واجب قومي وإسلامي وإنساني!

إنهم غيرجادِّين، حقًّا، في وضع حدٍّ نهائي لقضية الصراع الإسرائيلي ـ العربي ـ الفلسطيني، المؤجلة منذ سبعين عامًا، وإنما يتخذونها وسيلة للتعبير عن قوميتهم وإسلاميتهم أو لتضليل وإرضاء شعوبهم المنساقة وراء طيش وحمق الخصومات الدينية والمذهبية والقومية، التي أجادت قوى التطرف صناعتها وصبغها بصبغة القدسية الملبية لنزعات الغرور والتخلف والجاهلية الأولى.

القادة السياسيون العرب، ومثلهم قادة إسلاميون، يرون في قضية المقدسات الإسلامية في فلسطين وفي حقوق الشعب الفلسطيني المنتقصة، حكايا مجدية لإغواء شعوبهم عن تقصير الأنظمة الحاكمة الغارقة في الفساد.

أمَّا لو كانوا، هم وسابقوهم، بمن فيهم القادة الفلسطينيون، جادِّين، فعلًا، في حلِّ هذه القضية (المُمَّلة) لبدأوا بحلِّها من حيث يجب أن يبدأوا. فالبداية، كما نرى، تكون من توحيد الصف الفلسطيني الممزَّق، تحت قيادة واحدة يرتضيها الجميع، وليس كما هو حاصل الآن من تنافر وتخاصم بين قطاع غزة والضفة الغربية!؟

لكن هؤلاء القادة لايبالون بذلك، بل إن بعضهم كانوا، بأمواهم واختلافاتهم، هم السبب في تمزيق الشارع الفلسطيني إلى فصائل (مسلحة) متناحرة، متعددة الولاءات والانتماءات والتبعيات!

على الشعب الفلسطيني مواصلة كفاحه المشروع في انتفاضات متوالية، حتى استعادة حقوقه وإقامة دولته المستقلة، مهما كانت التضحيات! فقد أصبحت عملية السلام مع إسرائيل مجرد أكذوبة لاأمل فيها.